فأخبرك متى كان قال الرجل فما الدليل عليه فقال أبو الحسن عليهالسلام إني لما نظرت إلى جسدي ولم يمكني فيه زيادة ولا نقصان في العرض والطول ودفع المكاره عنه وجر المنفعة إليه علمت أن لهذا البنيان بانيا فأقررت به مع ما أرى من دوران الفلك بقدرته وإنشاء السحاب وتصريف الرياح ومجرى الشمس والقمر والنجوم و
______________________________________________________
فأجاب عليهالسلام بأن ابتداء الزمان إنما يكون لحادث كان معدوما ثم صار موجودا ، وهو سبحانه يستحيل عليه العدم ، وجواب هذا السؤال سقط من قلم نساخ الكليني ، وفي توحيد الصدوق (ره) هكذا : قال الرجل : فأخبرني متى كان؟ قال أبو الحسن عليهالسلام أخبرني متى لم يكن فأخبرك متى كان ، قال الرجل : فما الدليل عليه؟ قال أبو الحسن عليهالسلام : إني لما نظرت « إلى آخر الخبر » ويحتمل أن يكون مراد السائل السؤال عن أصل زمان وجوده تعالى ، فعلى هذا يكون حاصل الجواب أن الكائن في الزمان إنما يكون فيه بتغير وتبدل في ذاته أو صفاته الذاتية لأن الزمان نسبة المتغير إلى المتغير ، فيكون بحال في زمان آخر ، والمتعالي عن التغير في الذات والصفات الذاتية لا يصح عليه « لم يكن فكان » ، وإنما يصح متى كان لما يصح أن يقال متى لم يكن ، لعدم انفكاك الزماني عن التغير في ذاته أو صفاته الذاتية ، وقيل : تحقيق الجواب ما تحقق في الحكمة الإلهية أنه لا يكون لوجود شيء متى إلا إذا كان لعدمه متى ، وبالجملة لا يدخل الشيء في مقولة متى بوجوده فقط ، بل بوجوده وعدمه جميعا ، فإذا لم يصح أن يقال لشيء متى لم يكن وجوده لم يصح أن يقال متى كان وجوده.
قوله عليهالسلام إني لما نظرت : هذا استدلال بما يجده في بدنه من أحواله وانتظام تركيبه واشتماله على ما به صلاحه ونظامه ، وعدم استنادها إليه بكونها من آثار القدرة وعدم قدرته عليها ، وبالعلويات وحركاتها المنسقة المنتظمة المشتملة على اختلاف لا يمكن أن يكون طبيعيا لها ، ولا إراديا لها ، وبما يحدث بينها وبين الأرض وانتظام الجميع نظما دالا على وحدة ناظمها ومدبرها وخالقها ، على أن لهذا العالم المنتظم