متقاضيا للجواب فقال له هشام إن كنت جئت متقاضيا فهاك الجواب فخرج الديصاني عنه حتى أتى باب أبي عبد الله عليهالسلام فاستأذن عليه فأذن له فلما قعد قال له يا جعفر بن محمد دلني على معبودي فقال له أبو عبد الله عليهالسلام ما اسمك فخرج عنه ولم يخبره باسمه فقال له أصحابه كيف لم تخبره باسمك قال لو كنت قلت له عبد الله كان يقول من هذا الذي أنت له عبد فقالوا له عد إليه وقل له يدلك على معبودك ولا يسألك عن اسمك فرجع إليه فقال له يا جعفر بن محمد دلني على معبودي ولا تسألني عن اسمي فقال له أبو عبد الله عليهالسلام اجلس وإذا غلام له صغير في كفه بيضة يلعب بها فقال له أبو عبد الله عليهالسلام ناولني يا غلام البيضة فناوله إياها فقال له أبو عبد الله عليهالسلام يا ديصاني هذا حصن مكنون له جلد غليظ وتحت الجلد الغليظ جلد رقيق وتحت الجلد الرقيق ذهبة
______________________________________________________
تصغر الأرض ولا تكبر البيضة؟ فقال له : ويلك إن الله لا يوصف بالعجز ومن أقدر ممن يلطف الأرض ويعظم البيضة ، فقوله عليهالسلام : من أقدر ممن يلطف الأرض ، إشارة إلى أن المتصور المحصل المعنى من دخول الكبير في الصغير صيرورة الكبير صغيرا وبالعكس ، وهذا المتصور مقدور له سبحانه وهو قادر على كل ما لا يستحيل ، والحاصل أنه قادر على كل شيء يدرك له معنى ومهية ، والمستحيل لا مهية ولا معنى له كما قيل.
ثم اعلم أنه على التقادير كلها يدل على أن الإبصار بالانطباع وإن كان فيما سوى الثاني أظهر ، وعلى الرابع يحتمل أيضا أن يكون إقناعيا مبنيا على المقدمة المشهورة لدى الجمهور أن الرؤية بدخول المرئيات في العضو البصري ، فلا ينافي كون الإبصار حقيقة بخروج الشعاع.
قوله فهاك الجواب : « ها » بالقصر والمد وهاك كلها اسم فعل بمعنى خذ.
قوله عليهالسلام هذا حصن مكنون : الحصن كل موضع حصين محكم ، والكن : وقاء كل شيء وستره ، ولعل المعنى أنه مستور من جميع الجهات ليس له باب أصلا لئلا يخرج منه شيء ولا يدخل فيه شيء ، له جلد غليظ لئلا ينكسر بأدنى شيء ولا ينفذ