بن يحيى العطار عن أحمد بن محمد عن الحسن بن محبوب عن العلاء بن رزين
______________________________________________________
المكلفين قوة واستعدادا لإدراك الأمور من المضار والمنافع وغيرها على اختلاف كثير بينهم فيها ، وأقل درجاتها مناط التكاليف وبها يتميز عن المجانين وباختلاف درجاتها تتفاوت التكاليف ، فكلما كانت هذه القوة أكمل ، كانت التكاليف أشق وأكثر ، وتكمل هذه القوة في كل شخص بحسب استعداده بالعلم والعمل ، فكلما سعى في تحصيل ما ينفعه من العلوم الحقة ، وعمل بها تقوى تلك القوة ، ثم العلوم تتفاوت في مراتب النقص والكمال ، وكلما ازدادت قوة تكثر آثارها ، وتحت صاحبها بحسب قوتها على العمل بها ، فأكثر الناس علمهم بالمبدء والمعاد وسائر أركان الإيمان علم تصوري يسمونه تصديقا ، وفي بعضهم تصديق ظني ، وفي بعضهم تصديق اضطراري ، فلذا لا يعملون بما يدعون ، فإذا كمل العلم وبلغ درجة اليقين تظهر آثاره على صاحبه كل حين ، وسيأتي تمام تحقيق ذلك في كتاب الإيمان والكفر إن شاء الله تعالى.
الثالث : القوة التي يستعملها الناس في نظام أمور معاشهم ، فإن وافقت قانون الشرع ، واستعملت فيما استحسنه الشارع تسمى بعقل المعاش ، وهو ممدوح في الأخبار ومغايرته لما قد مر بنوع من الاعتبار وإذا استعملت في الأمور الباطلة والحيل الفاسدة تسمى بالنكراء والشيطنة في لسان الشرع ، ومنهم من ثبتوا لذلك قوة أخرى وهو غير معلوم.
الرابع : مراتب استعداد النفس لتحصيل النظريات وقربها وبعدها من ذلك وأثبتوا لها مراتب أربعا سموها بالعقل الهيولاني والعقل بالملكة ، والعقل بالفعل ، والعقل المستفاد ، وقد تطلق هذه الأسامي على النفس في تلك المراتب ، وتفصيلها مذكور في مظانها ويرجع إلى ما ذكرنا أو لا ، فإن الظاهر أنها قوة واحدة ، تختلف أسماؤها بحسب متعلقاتها وما تستعمل فيه.
الخامس : النفس الناطقة الإنسانية التي بها يتميز عن سائر البهائم.