لا يخلو قولك إنهما اثنان من أن يكونا قديمين قويين أو يكونا ضعيفين أو يكون أحدهما
______________________________________________________
لا يكون الآخر خالقا فلا يكون إليها ( أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ ).
لا يقال : إنما يلزم العجز إذا انتفت القدرة على الإيجار بالاستقلال ، أما إذا كان كل منهما قادرا على الإيجاد بالاستقلال ، ولكن اتفقا على الإيجاد بالاشتراك فلا يلزم العجز ، كما أن القادرين على حمل خشبة بالانفراد قد يشتركان في حملها ، وذلك لا يستلزم عجزهما ، لأن إرادتهما تعلقت بالاشتراك ، وإنما يلزم العجز لو أراد الاستقلال ولم يحصل.
لأنا نقول : تعلق إرادة كل منهما إن كان كافيا لزم المحذور الأول وإن لم يكن كافيا لزم المحذور الثاني ، والملازمتان بينتان لا تقبلان المنع ، وما أوردت من المثال في سند المنع لا يصلح للسندية إذ في هذه الصورة ينقص ميل كل واحد منهما من الميل الذي يستقل في الحمل ، قدر ما يتم الميل الصادر من الآخر حتى ينقل الخشبة بمجموع الميلين ، وليس كل واحد منهما بهذا القدر من الميل فاعلا مستقلا ، وفي مبحثنا هذا ليس المؤثر إلا تعلق القدرة والإرادة ولا يتصور الزيادة والنقصان في شيء منهما.
الخامس : أن كل من جاء من الأنبياء وأصحاب الكتب المنزلة إنما ادعى الاستناد إلى واحد استند إليه الآخر ، ولو كان في الوجود واجبان لكان يخبر مخبر من قبله بوجوده وحكمه ، واحتمال أن يكون في الوجود واجبا لا يرسل إلى هذا العالم أو لا يؤثر ولا يدبر أيضا فيه مع تدبيره ووجود خيره في عالم آخر أو عدمه مما لا يذهب إليه وهم واهم ، فإن الوجوب يقتضي العلم والقدرة وغيرهما من الصفات ، ومع هذه الصفات الكمالية يمتنع عدم الإعلام ونشر الآثار بحيث يبلغ إلينا وجوده ، وأما ما زعمت الثنوية من الإله الثاني فليس بهذه المثابة ، ومما يرسل ويحكم فيهم أن قالوا بوجود الواجب الآخر فقد نفوا لازمه ، فهو باطل بحكم العقل ، وقد أثبتنا في كتاب الروضة من كتاب بحار الأنوار فيما أوصى به أمير المؤمنين ابنه الحسن صلوات الله عليهما ما يومئ إلى هذا الدليل ، حيث قال عليهالسلام : واعلم أنه لو كان لربك شريك لأتتك رسله ،