______________________________________________________
الأول منه تعالى محال ولا نقص فيه ، كذلك إرادة الثاني ، وظاهر أن إرادة إيجاد الممكن بشرط إرادة الآخر له من قبيل الثاني ، فينبغي أن لا يكون فيه نقص؟
قلت : فرق بين الأمرين ، فإن وجود الممكن إذا قيد واشترط بملزوم نقيضه كان ممتنعا ولو بالغير ، ولم يتعلق به إرادة ضرورة ، وأما إذا لم يقيد الوجود به بل أطلق ، فغير ممتنع ، فيمكن تعلق الإرادة به ولو في زمان وجود ملزوم النقيض بأن يدفع الملزوم وإن لم يندفع هو من قبل نفسه أو من دافع آخر ، بخلاف إرادة الآخر له ، فإنه لو لم يندفع من قبل نفسه ولم يدفعه دافع آخر لم يتعلق به الإرادة ضرورة ، فهو مدفوع ، وإلا فالآخر مدفوع ، فصار حاصل الفرق حينئذ أن الصانع تعالى قادر على إيجاد أحد الضدين في زمان الضد الآخر بدون حاجة إلى واسطة غير مستندة إليه تعالى وهو أي الحاجة إلى الواسطة المستندة إلى الفاعل لا ينافي الاستقلال والقدرة كما لا ينافي الاحتياج إلى الواسطة المستندة إلى الذات الوجوب الذاتي ، بخلاف ما نحن فيه ، فإنه احتياج إلى واسطة غير مستندة إلى الذات.
لا يقال : لعل انتفاء إرادة الآخر واجب بنفسه ، ولا نسلم منافاة توسط الواجب بالذات بين الفاعل وفعله ، لاستقلاله واستلزامه النقص؟
لأنا نقول : الأول بين البطلان فإن تحقق إرادة الآخر وانتفائها ممكن في نفسه لكنه ينتفي فيما نحن فيه من قبل ذي الإرادة لو انتفى ، فيكون واسطة ممكنة غير صادرة عن الفاعل ولا مستندة إليه ، وأما الثاني فربما تدعي البداهة في استلزامه النقص وهو غير بعيد ، وبهذا التقرير يندفع كثير من الشكوك والشبه.
الرابع : تقرير آخر لبرهان التمانع ذكره المحقق الدواني وهو أنه لا يخلو أن يكون قدرة كل واحد منهما وإرادته كافية في وجود العالم ، أو لا شيء منهما كاف أو أحدهما كاف فقط ، وعلى الأول يلزم اجتماع المؤثرين التأمين على معلول واحد ، وعلى الثاني يلزم عجزهما لأنهما لا يمكن لهما التأثير إلا باشتراك الآخر ، وعلى الثالث