بالتدبير وإن زعمت أن أحدهما قوي والآخر ضعيف ثبت أنه واحد كما نقول
______________________________________________________
اثنين ويلزمك إن ادعيت اثنين فرجة ما بينهما ، لأن لهما وحدة فلا يتمايزان إلا بمميز فاصل بينهما حتى يكونا اثنين ، لامتناع الاثنينية بلا مميز بينهما ، وعبر عن الفاصل المميز بالفرجة ، حيث أن الفاصل بين الأجسام يعبر عنه بالفرجة وأولئك الزنادقة لم يكونوا يدركون غير المحسوسات تنبيها على أنكم لا تستحقون أن تخاطبوا إلا بما يليق استعماله في المحسوسات ، وذلك المميز لا بد أن يكون وجوديا داخلا ، في حقيقة أحدهما إذ لا يجوز التعدد مع الاتفاق في تمام الحقيقة كما ذكرنا ، ولا يجوز أن يكون ذلك المميز ذا حقيقة يصح انفكاكها عن الوجود وخلوها عنه ولو عقلا وإلا لكان معلولا محتاجا إلى المبدأ فلا يكون مبدء ولا داخلا فيه ، فيكون المميز الفاصل بينهما قديما موجودا بذاته كالمتفق فيه ، فيكون الواحد المشتمل على المميز الوجودي اثنين لا واحدا ، ويكون الاثنان اللذان ادعيتهما ثلاثة ، فإن قلت به وادعيت ثلاثة لزمك ما قلت في الاثنين من تحقق المميز بين الثلاثة ، ولا بد من مميزين وجوديين حتى يكون بين الثلاثة فرجتان ، ولا بد من كونها قد يمين كما مر فيكونوا خمسة وهكذا.ثم يتناهى في العدد إلى ما لا نهاية له في الكثرة ، أي يتناهى الكلام في التعدد إلى القول بما لا نهاية له في الكثرة ، أو يبلغ عدده إلى كثرة غير متناهية ، أو المراد أنه يلزمك أن يتناهى المعدود المنتهى ضرورة بمعروض ما ينتهي إليه العدد أي الواحد إلى كثير لا نهاية له في الكثرة فيكون عددا بلا واحد وكثرة بلا وحدة ، وعلى هذا يكون الكلام برهانيا لا يحتاج إلى ضميمة ، وعلى الأولين يصير بضم ما ذكرناه من ثالث الاحتمالات برهانيا.
الثاني : أن يكون إشارة إلى ثلاثة براهين ، وتقرير الأول ـ بعد ما تقرر أن ما لا يكون قويا على إيجاد أي ممكن كان ، لا يكون واجبا بالذات ـ أن يقال لا يصح أن يكون الواجب بالذات اثنين ، وإلا كان كل منهما قويا على إيجاد أي ممكن كان ، وكل ممكن بحيث يكون استناده إلى أي منهما كافيا في تصحيح خروجه من القوة إلى الفعل ، وحينئذ لم يكن محيص إما من لزوم استناد كل معلول شخصي إلى علتين