للعجز الظاهر في الثاني فإن قلت إنهما اثنان لم يخل من أن يكونا متفقين من
______________________________________________________
مستبدتين بالإفاضة ، وذلك محال ، أو من لزوم الترجيح بلا مرجح وهو فطري الاستحالة أو من كون أحدهما غير واجب بالذات وهو خلاف المفروض ، وهذا البرهان يتم عند قوله عليهالسلام للعجز الظاهر في الثاني.
وقوله عليهالسلام : وإن قلت : إلى قوله : على أن المدبر واحد ، إشارة إلى برهان ثان وهو أحد الوجوه البرهانية في قوله تعالى ( لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلاَّ اللهُ لَفَسَدَتا ) (١).
وتلخيص تقريره أن التلازم بين أجزاء النظام الجملي المنتظم المتسق كما بين السماء والأرض مثلا على ما قد أحقته القوانين الحكمية لا يستتب إلا بالاستناد إلى فاعل واحد يصنع الجميع بحكمته وقدرته ، إذ التلازم بين الشيئين لا يتصحح إلا بعلية أحدهما للآخر أو بمعلوليتهما لعلة واحدة موجبة ، فلو تعدد اختل الأمر وفسد النظام ، وتقرير الثالث هو أنك لو ادعيت اثنين كان لا محالة بينهما انفصال في الوجود ، وافتراق في الهوية ويكون هناك موجود ثالث هو المركب من مجموع الاثنين ، وهو المراد بالفرجة لأنه منفصل الذات والهوية ، وهذا المركب لتركبه عن الواجبات بالذات المستغنيات عن الجاعل ، موجود لا من تلقاء الصانع إذ افتقار المركب إلى الجاعل بحسب افتقار أجزائه فإذا لم تفتقر أجزاؤه لم يفتقر هو بالضرورة فإذا قد لزمك أن يكون هذا الموجود الثالث أيضا قديما فيلزمك ثلاثة وقد ادعيت اثنين وهكذا ، ويرد عليه مع بعد إطلاق الفرجة بهذا المعنى أنه يلزم في الفرق الثاني سبعة لا خمسة.
الثالث : أن يكون إشارة إلى حجتين إحداهما عامية مشهورية ، والأخرى خاصية برهانية ، أما الأولى فقوله : لا يخلو قولك ـ إلى قوله ـ في الثاني ، ومعناه أنه لو فرض قديمان فلا يخلو أن يكون كلاهما قويا والآخر ضعيفا والثلاثة بأسرها باطلة ، أما الأول فلأنه إذا كانا قويين وكل منهما في غاية القوة من غير ضعف وعجز كما هو
__________________
(١) سورة الأنياء : ٢٢.