______________________________________________________
وعلى الثالث وهو أن يكون أحدهما قديما بالذات قويا قادرا على إيجاد جميع العالم كافيا فيه يلزم المطلوب وهو وحدة صانع العالم للعجز الظاهر في الضعيف ، وكل عاجز وناقص ممكن لا يصلح أن يكون مبدءا ولا صانعا للعالم صالحا للألوهية ، ولما كان فساد القسم الثاني يظهر من بيان فساد القسم الثالث لم يتعرض عليهالسلام للتصريح به.
وتقرير الثاني أنك إن قلت أن الإله الحق الصانع المدبر له اثنان ، لم يخل من أن يكونا متفقين من جميع الوجوه أي الذات والصفات بحيث لا تمايز بينهما أصلا ، فيلزم وحدة الاثنين وارتفاع الاثنينية من البين ، وهو بديهي البطلان ، ولظهور فساده لم يتعرض عليهالسلام له ، أو يكونان متفرقين من جهة سواء كان في ذاتهما أو في صفاتهما أو فيهما معا ، أي لا يكونا متفقين من جميع الجهات ليكون الحصر حاصرا فهو باطل لأنه يلزم من تعدده فساد العالم وخروجه عن النظام الذي هو عليه وبطل الارتباط الذي بين أجزاء العالم ، واختل انتظامها واتساقها فلم يكن بينهما هذا النظام كما تشهد به الفطرة السليمة ، ونطق به الآية الكريمة ، وإليه أشار بقوله عليهالسلام لأنا لما رأينا الخلق منتظما ... إلى آخره.
وتقرير الثالث أنه لو كان الواجب بالذات اثنين يلزمك أن يكون بينهما فرجة أي مائز يمتاز به أحدهما عن الآخر بوجوده ، والآخر بعدمه ، لا أقل من ذلك حتى يتحقق بينهما الاثنينية لاشتراكهما في حقيقة وجوب الوجود ، ولا يجوز أن يكون ذلك المميز ذا حقيقة يصح انفكاكها عن الوجود وخلوها عنه ولو عقلا وبحسب التصور وإلا لكان معلولا محتاجا إلى المبدأ ، فلا يكون مبدءا أولا ولا داخلا فيه ، فيكون المميز أيضا موجودا قديما بذاته كما به الاشتراك ، فيكون ما فرضت اثنين ثلاثة وننقل الكلام إلى الثلاثة وتحتاج إلى مائزين وجوديين ليمتاز الثالث عنهما بعد مهما ، فتكون الثلاثة خمسة ، وننقل الكلام إلى المائزين وهكذا إلى آخر ما مر من التقرير في الوجه الأول.
السابع أن يوجه الثالث بأنه لو كان الصانع سبحانه اثنين يلزم منه أن يكون