______________________________________________________
في وجود جميع العالم على الوجه الأصلح المشتمل على الحكم والمصالح التي لا تعد ولا تحصى كما هو واقع كذلك أو لا يكون كل واحد منهما كذلك وحينئذ إما أن يكون كل منهما ضعيفا عن إيجاد جميع العالم بانفراده كذلك أو يكون أحدهما قويا على ذلك والآخر ضعيفا عنه ، فأما على الأول فلم لا يدفع كل منهما صاحبه عن إيجاد العالم وينفرد بالتدبير والإيجاد ، حتى يلزم منه عدم العالم بالكلية لاستحالة توارد العلتين المستقلتين على معلول واحد شخصي أي على مجموع العالم لأنه بمنزلة واحد شخصي ، بل على كل واحد من أجزائه أيضا وإيجاد هذا مانع عن إيجاد ذلك وبالعكس فيتحقق التمانع بينهما ، ويلزم على تقدير إيجادهما العالم عدم إيجادهما له ، فيلزم من تعدد الصانع تعالى عدم العالم رأسا كما نزل عليه قوله سبحانه ( لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلاَّ اللهُ لَفَسَدَتا ) وعلى الثاني وهو أن لا يكون كل منهما كافيا في وجود جميع العالم على الوجه الواقع عليه سواء كلي عدم كفايته فيه باعتبار عدم شمول قدرته أو حكمته أو إرادته أو عدم شمول تعلق إرادته عليه ، يلزم أن يكونا ضعيفين ناقصين عاجزين باعتبار أي صفة كانت بالضرورة ، وما يكون كذلك لا يكون مبدءا أولا وصانعا للعالم صالحا للإلهية وهذا خلف ، وتوضيح ذلك أن عدم تفرد كل منهما بخلق جميع العالم على الوجه الأصلح الذي لا يمكن أن يكون أصلح منه وشركتهما في خلقه إما أن يكون على وجه الاضطرار لعدم تمكن كل منهما على الانفراد عن ذلك أو على وجه الإرادة والاختيار ، وعلى الأول العجز والضعف والنقص ظاهر ، لأن جميع العالم على هذا الوجه ممكن ، فكل منهما لا يقدر على كل ممكن ، وعلى الثاني فإما يكون في شركتهما حكمة ومصلحة لا تكون تلك الحكمة والمصلحة في الانفراد أم لا ، وعلى الأول يلزم أن يكون كل واحد منهما بانفراده فائتا لتلك الحكمة والمصلحة وهذا أيضا ضعف وعجز ونقص في كل واحد منهما بالضرورة ، بل هذا القسم أيضا راجع إلى الشق الأول كما لا يخفى ، وعلى الثاني يلزم أن تكون شركتهما سفها وعبثا فيلزم خلوهما عن الحكمة وهو ضعف وعجز عن رعاية الحكمة