في الكثرة قال هشام فكان من سؤال الزنديق أن قال
______________________________________________________
كما في ثواب المطيع أو لم يكن ، ومثاله عقاب الكافر إن لم يكن للمطيعين فيه نفع ، وتقرير الثالث : أنه إن كان المدبر اثنين فنسبة معلول إليهما إما متساوية من جميع الوجوه أو لا ، وكلاهما باطل ، أما الأول فلان صدور بعض المعلولات عن أحدهما وبعض آخر منها عن الآخر منهما حينئذ يحتاج إلى ثالث هو الفرجة بينهما ، أي ما يميز ويعين كل معلول معلول لواحد معين منهما حتى يكون المدبران اثنين ، لامتناع الترجيح من جهة الفاعلين بلا مرجح ، أي بلا داع أصلا كما هو المفروض ، فيلزم خلاف الفرض ، وهو أن يكون المدبر ثلاثة ثم ننقل الكلام إلى الثلاثة وهكذا إلى ما لا نهاية له في الكثرة ، ويلزم التسلسل ، وإنما لم يكتف عليهالسلام بعد نقل الكلام إلى الثلاثة بالاحتياج إلى فرجة واحدة للتمييزين حتى يكون المجموع أربعة لا خمسة ، وإن كان المطلوب وهو لزوم التسلسل حاصلا به أيضا ، لأن هناك ثلاثة تميزات وتخصيص واحد منهما بمميز كما هو المفروض ، واشتراك اثنين منهما بواحد مع اتحاد النسبة تحكم وأما بطلان الثاني فلما مر في بيان بطلان الشق الثاني من الدليل الثاني.
أقول : لا يخفى بعد هذا التقرير عن الأفهام واحتياجه إلى تقدير كثير من المقدمات في الكلام.
الخامس : أن يكون الأول إشارة إلى برهان التمانع بأحد تقريراته المشهورة والثاني إلى التلازم كما مر والثالث يكون إلزاما على المجسمة المشركة القائلين بإلهين مجسمين متباعدين في المكان كما هو الظاهر من كلام المجوس لعنهم الله ويكون الفرجة محمولة على معناها المتبادر من جسم يملأ البعد بينهما لبطلان الخلاء ، أو سطح فاصل بينهما لتحقق الاثنينية.
السادس : أن يكون إشارة إلى ثلاثة براهين على وجه قريب من بعض الوجوه السابقة ، وتقرير الأول أنه لو كان المبدأ الأول الإله الحق الصانع للعالم اثنين فلا يخلو من أن يكون كل واحد منهما قديما بالذات قويا قادرا على إيجاد كل ممكن بحيث تكون قدرة كل واحد منهما وحكمته وإرادته مع تعلق إرادته كافية.