الفرجة ثالثا بينهما قديما معهما فيلزمك ثلاثة فإن ادعيت ثلاثة لزمك ما قلت في الاثنين حتى تكون بينهم فرجة فيكونوا خمسة ثم يتناهى في العدد إلى ما لا نهاية له
______________________________________________________
تمكينه الآخر في فعله ، وهذا تفرد بالتدبير فالاستفهام في لم لا يدفع إنكاري أي معلوم ضرورة أنه يدفع كل منهما الآخر ويتفرد بالتدبير ، وبطلان الشق الثالث لكونه مستلزما لعجز أحدهما أي ضعفه وعدم كونه ممن ينتهي إليه شيء من تدبير العالم يستلزم بطلان الشق الثاني بطريق أولى ، وتقرير الثاني هو أنه لو كان المدبر اثنين فنسبة معلول معلول إليهما إما متساوية من جميع الوجوه بأن لا يكون في واحد منهما ما يختص به ويرجح صدورها عنه على صدورها عن الآخر من الداعي والمصلحة ونحوهما ، وإما غير متساوية من جميع الوجوه ، وكلاهما باطل ، أما الأول فلأنه إما أن يكون ترك كل منهما لذلك المعلول مستلزما لفعل الآخر إياه لحكمة كل منهما أم لا ، فعلى الأول إحداث أحدهما ذلك المعلول يستلزم الترجيح بلا مرجح لأن إحداث كل منهما ذلك المعلول ليس أولى بوجه من تركه إياه مع إحداث الآخر إياه ، وعلى الثاني إما أن يكون ترك التارك له مع تجويزه الترك على الآخر قبيحا وخلاف الحكمة أم لا والأول يستلزم النقص ، والثاني يستلزم عدم إمكان رعاية المصالح التي لا تحصى في خلق العالم ، لأنه اتفاقي حينئذ ومعلوم بديهة أن الاتفاقي لا يكون منتظما في أمر سهل كصدور مثل قصيدة من قصائد البلغاء المشهورين عمن لم يمارس البلاغة ، وإن كان يمكن أن يصدر عنه اتفاقا مصراع بليغ أو مصراعان ، فضلا عما نحن فيه ، وأما بطلان الثاني فلأنه يستلزم أن يكون مختلفة من جميع الوجوه بأن لا يكون أحدهما قادرا عليه أصلا ، لأن اختلاف نسبة قادرين إلى معلول واحد شخصي إنما يتصور فيما يمكن أن يكون صدوره عن أحدهما أصلح وأنفع من صدوره عن الآخر ، وهذا إنما يتصور فيما كان نفع فعله راجعا إليه كالعباد ، وأما إذا كان القادران بريئين من الانتفاع كما فيما نحن فيه فلا يتصور ذلك فيه بديهة ، وينبه عليه أن الغني المطلق إنما يفعل ما هو الخير في نفسه من غير أن يكون له فيه نفع ، سواء كان لغيره فيه نفع