واحدا والليل والنهار والشمس والقمر دل صحة الأمر والتدبير وائتلاف الأمر على أن المدبر واحد ثم يلزمك إن ادعيت اثنين فرجة ما بينهما حتى يكونا اثنين فصارت
______________________________________________________
الثالث وهو أنهما متفقان من وجه ومختلفان من وجه آخر ، فبأن يقال كما أشار إليه عليهالسلام بقوله : ثم يلزمك ، أنه لا بد فيهما من شيء يمتاز به أحدهما عن صاحبه وصاحبه عنه ، وذلك الشيء يجب أن يكون أمرا وجوديا يوجد في أحدهما ولم يوجد في الآخر ، أو أمران وجوديان يختص كل منهما بواحد فقط ، وأما كون الفارق المميز لكل منهما عن صاحبه أمرا عدميا فهو ممتنع بالضرورة ، إذ الأعدام بما هي إعدام لا تمايز بينها ، ولا تميز بها فإذا فرض قديمان فلا أقل من وجود أمر ثالث يوجد لأحدهما ويسلب عن الآخر ، وهو المراد بالفرجة إذ به يحصل الانفراج أي الافتراق بينهما ، لوجوده في أحدهما وعدمه في الآخر وهو أيضا لا محالة قديم موجود معهما ، وإلا لم يكونا اثنين قديمين ، فيلزم أن يكون القدماء ثلاثة وقد فرض اثنان وهذا خلف ، ثم يلزم من كونهم ثلاثة أن يكونوا خمسة وهكذا إلى أن يبلغ عددهم إلى ما لا نهاية له وهو محال.
أقول : الأظهر على هذا التقرير أن يحمل الوحدة في قوله عليهالسلام على أن المدبر واحد ، على الأعم من الوحدة النوعية والشخصية ، ولو حملت على الشخصية يمكن أن يستخرج منه ثلاث حجج لهذا التقرير ولا يخفى توجيهها.
الرابع : أن يكون إشارة إلى ثلاث حجج لكن على وجه آخر وتقرير الأول : أنه لو كان اثنين فإما أن يكونا قويين أي مستقلين بالقدرة على ممكن في نفسه ، سواء كان موافقا للمصلحة أو مخالفا ، وهو إنما يتصور بكونهما قديمين ، وإما أن يكونا ضعيفين أي غير مستقلين بالقدرة على ممكن ما في نفسه ، وإما أن يكون أحدهما قويا على دفع الآخر من أن يصدر عنه مراد الأول بعينه أو مثله أو ضده في محله ، لأن عدم المنافي شرط في صدور كل ممكن ، وعدم القوة على الشرط ينافي القوة على المشروط ، ولا شك أن المدفوع كذلك ضعيف مسخر فقوة كل منهما في فعل صدر عنه يستلزم دفعه الآخر فيه ، وضعف ذلك الآخر ، وفي فعل تركه حتى فعل الآخر ضده يستلزم