وملك الرب القاهر وجلال الرب الظاهر ونور الرب الباهر وبرهان الرب
______________________________________________________
على الأول والثالث أيضا ذلك بأن يكون مفعولا للخلق لكنه بعيد جدا ولا ريب في أن كل مخلوق مقهور مذلل تحت قدرة خالقه وقاهره لا يملك لنفسه ما يخلصه من القهر والغلبة فهو مسخر له ، فهذا استدلال بالآثار مطلقا على المؤثر ، ويحتمل أن يكون مراده عليهالسلام الاستدلال بالخلق المسخر المتحرك بالاضطرار كالشمس والقمر ونحو هما على وجود قاهر يقهره بالغلبة والعز والسلطنة ، فهو إله ومستحق لأن يعبد ، والملك بالضم السلطنة والعز والغلبة ، والقاهر صفة للملك أو الرب ، وهذا استدلال بملكوت السماوات والأرض ، وأنه لا تبدل حكمته الوسائل ، ويعجز عن معارضته من سواه ، على وجود الرب القادر على كل شيء ، والجلال : العظمة والرفعة والعلو والظاهر بمعنى البين والغالب ، أو بمعنى العالم بالأمور ، وعلى الأول صفة للجلال ، وعلى الأخيرين صفة للرب فهو استدلال بعظمته في مخلوقاته ، أي خلقه أمورا عظيمة على وجوده تعالى.
وقيل : يعني جلاله وعظمته وتعاليه عن أن يشارك غيره في الألوهية يدل على وحدته. والنور ما به يظهر ويبصر الخفيات المحجوبات عن الأبصار ، كنور الشمس والقمر ونحوهما ، والبهر : الإضاءة أو الغلبة يقال : بهر القمر إذا أضاء حتى غلب ضوؤه ضوء الكواكب ، وبهر فلان أترابه : غلبهم حسنا ، فالباهر على الأول صفة النور ، وعلى الثاني يحتمل أن يكون صفة الرب أيضا ، والنور هنا يحتمل الأنوار الظاهرة المخلوقة له تعالى أو الوجود والكمالات التي ظهر آثارها في المخلوقات فإن كلا منهما في ظهور الأشياء على العقل كالنور الظاهر عند الحس بل هي في ذلك أقوى وأشد ، والبرهان : الحجة ، والصادق صفته ، فالمراد بالبرهان الصادق إما حججه على خلقه من الأنبياء والأئمة الصادقين عليهمالسلام في جميع أحكامهم فحينئذ الاستدلال به على وجوده تعالى بوجهين أحدهما إخبارهم بوجوده تعالى مع قطعنا بصدقهم بسبب ظهور خوارق العادات على أيديهم ، فإن المعجزة في نفسها يفيد القطع بصدق صاحبها ، ولا حاجة إلى الدليل على