______________________________________________________
أنها تجري في يد كاذب ، ولا يتوقف تصديق صاحبها على إثبات الواجب كما صرح به جماعة ، وثانيهما أن أصل خلقتهم من عظم شأنهم واتصافهم بالكمالات الوهبية الجليلة والأوصاف القدسية العظيمة ، وخروج خلقهم عن مجرى أفعال الطبيعة من أعظم الدلائل على صانع العالم البريء من كل نقص ، والمراد به كل مخلوق من المخلوقات عظيمها وحقيرها وكبيرها وصغيرها ، فإن كلا منها برهان صادق وحجة ناطقة على وجوده تعالى أو البراهين التي أنزلها في كتبه وأجراها على ألسنة أنبيائه ورسله وحججه عليهمالسلام « وما أنطق به ألسن العباد » يحتمل وجوها ، الأول : اتفاقهم وتواطؤهم بحكم بداهة عقولهم على وجود صانع العالم المتوحد بالصانعية ولا يجوز العقل اجتماع هذا الخلق من أهل الأديان المختلفة والأديان المتشتة على باطل ، فهو إما بديهي أو نظري واضح المقدمات لا يتطرق إليه شك ولا شبهة.
قال بعض المحققين : إن العلم يحصل بالتواتر وهو إخبار جمع كثير عن أمر محسوس ، وما ذلك إلا لأن العقل يحيل اجتماعهم على الكذب ، أو على غلط الحس فنقول أجمع جميع الأنبياء والأوصياء والعلماء والحكماء بل كافة العقلاء على وجود الصانع فيحصل العلم الضروري بوجوده ، لأن العقل يحيل اجتماعهم على الكذب والغلط في هذا المعقول ، فكما يعلم أمن الحس الكثير عن الغلط في رؤية بصرية يعلم أمن أمثال تلك العقول على كثرتها من الاجتماع على غلط في البصيرة ، وأما العلم باجتماعهم على ذلك فإنما يحصل بأخبارهم ، والعلم بأخبارهم حاصل بالتواتر ، والله يهديك السبيل « انتهى ».
الثاني : دعاؤهم وتضرعهم والتجاؤهم إلى الله تعالى في الشدائد والمحن بمقتضى فطرة عقولهم ، وهذا يدل على أن عقولهم بصرافتها تشهد بخالقهم ومفزعهم في شدائدهم ، حتى أنه قد يشاهد ذلك من الحيوانات كما قيل إنها في سني الجدب ترفع رؤوسها إلى