أتوهم شيئا فقال نعم غير معقول ولا محدود فما وقع وهمك عليه من شيء فهو خلافه لا يشبهه شيء ولا تدركه الأوهام كيف تدركه الأوهام وهو خلاف ما يعقل وخلاف ما يتصور في الأوهام إنما يتوهم شيء غير معقول ولا محدود.
______________________________________________________
تعالى متوحدا بحقيقته وصفاته متنزها عن غيره.
قوله أتوهم شيئا : الظاهر أنه استفهام بحذف أداته أي أتصوره شيئا وأثبت له الشيئية وقيل : الهمزة للاستفهام والفعل ماض مجهول أو مضارع معلوم بصيغة الخطاب بحذف إحدى التائين ، وقيل : على صيغة التكلم خبر وما ذكرنا أظهر ، وقوله عليهالسلام نعم غير معقول ، أي تصوره وتعقله شيئا غير معقول بالكنه ، ولا محدود بالحدود العقلية ولا بالحدود الحسية الظاهرية والباطنية من السطوح والخطوط والنقاط والأشكال والنهايات ، وقوله عليهالسلام فما وقع وهمك عليه ، تفريع على قوله : ولا محدود ، وقوله عليهالسلام : لا يشبهه شيء : استئناف بياني ، وجملة القول في ذلك أن من المفهومات مفهومات عامة شاملة لا يخرج منها شيء من الأشياء لا ذهنا ولا عينا كمفهوم الشيء والموجود والمخبر عنه ، وهذه معان اعتبارية يعتبرها العقل لكل شيء ، إذا تقرر هذا فاعلم أن جماعة من المتكلمين بالغوا في التنزيه حتى امتنعوا من إطلاق اسم الشيء بل العالم والقادر وغير هما على الله سبحانه ، محتجين بأنه لو كان شيئا شارك الأشياء في مفهوم الشيئية ، وكذا الموجود وغيره ، وذهب إلى مثل هذا بعض معاصرينا ، فحكم بعدم اشتراك مفهوم من المفهومات بين الواجب والممكن ، وبأنه لا يمكن تعقل ذاته وصفاته تعالى بوجه من الوجوه ، ويكذب جميع الأحكام الإيجابية عليه تعالى ، ويرد قولهم هذا الخبر وغيره من الأخبار المستفيضة ، وبناء غلطهم على عدم الفرق بين مفهوم الأمر وما صدق عليه ، وبين الحمل الذاتي والحمل العرضي وبين المفهومات الاعتبارية والحقائق الموجودة ، فأجاب عليهالسلام بأن ذاته تعالى وإن لم يكن معقولا لغيره ولا محدودا بحد إلا أنه مما يصدق عليه مفهوم شيء ، لكن كل ما يتصور من الأشياء فهو بخلافه ، لأن كل ما يقع في الأوهام والعقول فصورها الإدراكية كيفيات نفسانية وأعراض