جسما ولا روحا وليس لأحد في خلق الروح الحساس الدراك أمر ولا سبب هو المتفرد بخلق الأرواح والأجسام فإذا نفى عنه الشبهين شبه الأبدان وشبه الأرواح فقد عرف الله بالله وإذا شبهه بالروح أو البدن أو النور فلم يعرف الله بالله
______________________________________________________
وقدرته وحكمته بتوفيقه وهدايته ، لا بما أرسل به الرسول من الآيات والمعجزات فإن معرفتها إنما تحصل بعد معرفته تعالى ، واعرفوا الرسول بالرسالة ، أي بما أرسل به من المعجزات والدلائل أو بالشريعة المستقيمة التي بعث بها فإنها لانطباقها على قانون العدل والحكمة يحكم العقل بحقيقة من أرسل بها ، واعرفوا أولي الأمر بعلمهم بالمعروف وإقامة العدل والإحسان وإتيانهم بها على وجهها ، وهذا أقرب الوجوه ، ويؤيده خبر ابن حازم.
ويؤيده ما رواه الصدوق (ره) في التوحيد بإسناده عن سلمان الفارسي رضياللهعنه في حديث طويل يذكر فيه قدوم الجاثليق المدينة مع مائة من النصارى وما سأل عنه أبا بكر فلم يجبه ثم أرشد إلى أمير المؤمنين عليهالسلام فسأله عن مسائل فأجاب عنها ، وكان فيما سأله أن قال له : أخبرني عرفت الله بمحمد أم عرفت محمدا بالله عز وجل؟ فقال علي بن أبي طالب عليهالسلام : ما عرفت الله عز وجل بمحمد صلىاللهعليهوآله ، ولكن عرفت محمدا بالله عز وجل حين خلقه وأحدث فيه الحدود من طول وعرض ، فعرفت أنه مدبر مصنوع باستدلال وإلهام منه وإرادة كما ألهم الملائكة طاعته ، وعرفهم نفسه بلا شبه ولا كيف ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
أقول : قال الصدوق (ره) بعد إيراد خبر المتن وهذا الخبر وغيرهما : القول الصواب في هذا الباب ، هو أن يقال : عرفنا الله بالله لأنا إن عرفناه بعقولنا فهو عز وجل واهبها وإن عرفناه عز وجل بأنبيائه ورسله وحججه عليهمالسلام فهو عز وجل باعثهم ومرسلهم ومتخذهم حججا ، وإن عرفناه بأنفسنا فهو عز وجل محدثها ، فبه عرفناه وقد قال الصادق عليهالسلام : لو لا الله ما عرفناه ، ولو لا نحن ما عرف الله ، ومعناه لو لا الحجج ما عرف الله حق معرفته ، ولو لا الله ما عرف الحجج ... إلى آخر ما ذكره (ره) وحاصل كلامه أن