سأل أبا عبد الله عليهالسلام عن أسماء الله واشتقاقها الله مما هو مشتق قال فقال لي. يا هشام الله مشتق من إله والإله يقتضي مألوها والاسم غير المسمى فمن عبد الاسم دون المعنى فقد كفر ولم يعبد شيئا ومن عبد الاسم والمعنى فقد كفر وعبد اثنين ومن عبد المعنى دون الاسم فذاك التوحيد أفهمت. يا هشام قال فقلت زدني قال إن لله تسعة وتسعين اسما فلو كان الاسم هو المسمى لكان كل اسم منها إلها ولكن الله معنى يدل عليه بهذه الأسماء
______________________________________________________
قوله : الله مشتق من إله ، اعلم أنه اختلف علماء اللسان في لفظ الجلالة هل هو جامد أو مشتق ، فذهب الخليل وأتباعه وجماعة من الأصوليين وغيرهم إلى أنه علم للذات ليس بمشتق ، وذهب الأكثر إلى أنه مشتق ثم غلب على المعبود بالحق ، وهذا الخبر يدل على الثاني ، وقوله عليهالسلام : من إله إما اسم على فعال بمعنى المفعول ، أي المعبود أو غيره من المعاني التي سيأتي ذكرها ، فلما أدخلت عليه الألف واللام حذفت الهمزة تخفيفا لكثرته في الكلام ، وقيل : عوض عن المحذوف ، أو فعل إما بفتح اللام بمعنى عبد لأنه معبود ، أو بالكسر بمعنى سكن ، لأنه يسكن إليه القلوب ، أو فزع لأن العابد يفزع إليه في النوائب ، أو من أله الفصيل إذا ولع بأمه ، إذ العباد مولعون بالتضرع إليه في الشدائد ، أو تحير لأن الأوهام تتحير فيه ، وقيل : مشتق من وله إذا تحير وقيل : من لاه بمعنى ارتفع ، لأنه مرتفع عن مشاكلة الممكنات ، وقيل : من لاه يلوه إذا احتجب لأنه محتجب عن العقول ، وظاهر الخبر اشتقاقه من الإله بمعنى المعبود.
قوله عليهالسلام : والإله يقتضي مألوها ، الظاهر أنه ليس المقصود أولا الاستدلال على المغايرة بين الاسم والمسمى ، بل المعنى أن هذا اللفظ بجوهره يدل على وجود معبود يعبد ، أو أنه بمعنى المعبود كما قيل ، أو يقتضي كونه معبودا ، ثم بين أنه لا يجوز عبادة اللفظ بوجه ، ثم استدل على المغايرة بين الاسم والمسمى ، ويحتمل أن يكون استدلالا بأن هذا اللفظ يدل على معنى ، والدال غير المدلول بديهة ، وعلى هذا يحتمل أن يكون ما يذكر بعد ذلك تحقيقا آخر لبيان ما يجب أن يقصد بالعبادة ، وأن يكون تتمة لهذا الدليل تكثيرا للإيراد ، وإيضاحا لما يلزمهم من الفساد ، بأن