يمسكه وهو يمسك الأشياء بأظلتها عارف بالمجهول معروف عند كل جاهل فردانيا لا خلقه فيه ولا هو في خلقه غير محسوس ولا مجسوس ( لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ )
______________________________________________________
القائلين بعالم المثال فإن لكل شيء عندهم مثالا في تلك العالم وقيل : المراد رب النوع كما نقل عن شيخنا البهائي والأظهر أن المراد الروح كما يقال عالم الأرواح عالم الظلال ، أو المراد الأمكنة التي يستقرون عليها ، والسقوف التي يستظلون تحتها ، إما حقيقة أو كناية عن جميع أسباب الأشياء وما يمسكها عن الزوال والفساد ، والباء إما بمعنى مع أو السببية ، أي يحفظ الأشياء مع ما تستحفظ بها من الأظلة والأسباب ، أو يحفظها بواسطة إيجاده لأظلتها وأسبابها ، وقيل : الظل من كل شيء شخصه أو وقاؤه وستره ، أي لا شخص ولا شبح له يمسكه كالبدن للنفس ، والفرد المادي للحصة ، ولا واقي له يقيه « وهو يمسك الأشياء بأظلتها » أي بأشخاصها وأشباحها ، أو بوقاياتها لأنه إذا كان صمديا ومقصودا في حوائج الكل ، لم يكن محتاجا إلى غيره في شيء ، ويكون كل شيء غيره محتاجا إليه ، وقيل : المراد به الكنف كما يقال : يعيش فلان في ظل فلان أي في كنفه ، وقال في القاموس : الظل : الفيء ، والخيال من الجن وغيره يرى ، ومن كل شيء شخصه أو كنه وهو في ظله في كنفه ، وقيل : الظل الجسم في حديث ابن عباس : الكافر يسجد لغير الله وظله يسجد لله أي جسمه ، وإنما يقال : للجسم الظل ، لأنه عنه الظل ولأنه ظلماني والروح نوراني ، وهو تابع له يتحرك بحركته النفسانية « عارف بالمجهول » أي بما هو مجهول للخلق من المغيبات والمعدومات « معروف عند كل جاهل » أي ظاهر غاية الظهور حتى أن كل من شأنه أن يخفي عليه الأشياء ، ويكون جاهلا بها هو معروف عنده غير خفي عليه لأن مناط معرفته مقدمات ضرورية ، فالمراد معرفته بوجه والتصديق بوجوده ، ويمكن أن يقال : كل عاقل يحكم بأن صانعه لا يشبه المصنوعات وهذا غاية معرفته سبحانه بعد الخوض فيها ، إذ لا سبيل إلى معرفة حقيقته إلا بسلب شبه صفات الممكنات عنه ، ولا ينافيها الجهل بما هيأت الممكنات وصفاتها المخصوصة بها.
« فردانيا » الألف والنون زائدتان للنسبة ، وهي للمبالغة أي لا يقارنه خلقه ،