علا فقرب ودنا فبعد وعصي فغفر وأطيع فشكر لا تحويه أرضه ولا تقله سماواته حامل الأشياء بقدرته ديمومي أزلي لا ينسى ولا يلهو ولا يغلط ولا يلعب ولا لإرادته
______________________________________________________
لا مقارنة الحالية فيه أو الدخول فيه ، كما قال « لا خلقه فيه » ولا مقارنة المحلية له أو المكانية ، كما قال « ولا هو في خلقه » ويشعر هذا إلى ترتب لم يلد ولم يولد على الصمد والمعنى : لا خلقه فيه فيلد خلقه ولا هو في خلقه فيولد من خلقه ، غير محسوس بشيء من الحواس الظاهرة وإلا لكان جسما أو جسمانيا « ولا محسوس » أي ملموس تأكيدا ، وقيل : أي بشيء من المشاعر الباطنة لكن لم يساعده اللغة ، ويمكن أن يكون استعمل فيه مجازا.
قوله عليهالسلام علا فقرب : أي علا كل شيء ذاتا وصفة فقرب علما وقدرة ، ودنا بالعلية لكل شيء فصار سببا لعلوه وبعده عن الأبصار والعقول « فشكر » أي أثاب وجازى وهاتان الفقرتان أيضا لبيان نوع من ارتباطه ونسبته إلى الخلق ، « لا تحويه أرضه » أي لا تضمنه وتجمعه الأرض التي هي من مخلوقاته « ولا تقله » أي لا تحمله ، والغرض أنه ليس الارتباط بينه وبين خلقه باتصاله بالخلق من جهة السفل فتحويه أرضه ، ولا من جهة العلو فتحمله سماواته ، بل ارتباطه بأنه حامل الأشياء ومعطي وجودها ومبقيها بقدرته ومربيها والمفيض عليها ما هي قابلة لها برحمته « ديمومي » منسوب إلى مصدر دام يدوم دواما ، وديمومة « أزلي » لا ابتداء لوجوده « لا ينسى ولا يلهو » أي لا يغفل عن شيء لعدم جواز التغير عليه لصمديته « ولا يغلط » لكمال علمه « ولا يلعب » لأنه من نقص الإدراك وعدم العلم بالعواقب ، والصمد الذي جميع كمالاته بالفعل لا يصدر عنه هذه الأمور « ولا لإرادته فصل » الفصل : القطع ، أي لا قاطع لإرادته يمنعها عن تعلقها بالمراد ، وقيل : معناه ليست إرادته فاصلة بين شيء وشيء بل يتعلق بكل شيء ، وقيل : ليس لإرادته فصل ، أي شيء يداخله فيكون به راضيا أو ساخطا ، إنما كونه راضيا وساخطا بالإثابة والعقاب ، كما قال « وفصله جزاء » وعلى الأولين : المراد أن فصله بين أفعال العباد وهو جزاء لهم على أفعالهم لا ظلم وجور عليهم ، وقيل : أي