قال فتعرفون الأبصار قلت بلى قال ما هي قلت أبصار العيون فقال
______________________________________________________
تعالى وهو محال.
واعترض عليه بأن اللام في الجمع لو كان للعموم والاستغراق كما ذكرتم كان قوله ( تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ ) موجبة كلية وقد دخل عليها النفي ، فرفعها هو رفع الإيجاب الكلي ، ورفع الإيجاب الكلبي سلب جزئي ، ولو لم يكن للعموم كان قوله ( لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ ) سالبة مهملة في قوة الجزئية فكان المعنى لا تدركه بعض الأبصار ، ونحن نقول بموجبه حيث لا يراه الكافرون ، ولو سلم فلا نسلم عمومه في الأحوال والأوقات فيحمل على نفي الرؤية في الدنيا جمعا بين الأدلة.
والجواب أنه قد تقرر في موضعه أن الجمع المحلى باللام عام نفيا وإثباتا في المنفي والمثبت كقوله تعالى ( وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ ) (١) و ( ما على المحسنين من سبيل ) (٢) حتى إنه لم يرد في سياق النفي في شيء من الكتاب الكريم إلا بمعنى عموم النفي ولم يرد لنفي العموم أصلا ، نعم قد اختلف في النفي الداخل على لفظه كل ، لكنه في القرآن المجيد أيضا بالمعنى الذي ذكرنا كقوله تعالى ( وَاللهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ ) (٣) إلى غير ذلك ، وقد اعترف بما ذكرنا في شرح المقاصد وبالغ فيه.
وأما منع عموم الأحوال والأوقات فلا يخفى فساده فإن نفي المطلق الغير المقيد لا وجه لتخصيصه ببعض الأوقات إذ لا ترجيح لبعضها على بعض وهو أحد الأدلة على العموم عند علماء الأصول ، وأيضا صحة الاستثناء دليل عليه وهل يمنع أحد صحة قولنا ما كلمت زيدا إلا يوم الجمعة ولا أكلمه إلا يوم العيد ، وقال تعالى ( وَلا تَعْضُلُوهُنَ ) (٤) إلى قوله ( إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ ) وقال ( لا تُخْرِجُوهُنَ ) إلى قوله ( إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ ) (٥) و
__________________
(١) سورة غافر : ٣١.
(٢) سورة التوبة : ٩١.
(٣) سورة الحديد : ٣٣.
(٤) سورة النساء : ١٩.
(٥) سورة الطلاق : ١.