جعلني الله فداك أن تكتب إلي بالمذهب الصحيح من التوحيد فكتب إلي سألت رحمك الله عن التوحيد وما ذهب إليه من قبلك فتعالى الله الذي ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) تعالى عما يصفه الواصفون المشبهون الله بخلقه المفترون على الله فاعلم رحمك الله أن المذهب الصحيح في التوحيد ما نزل به القرآن من صفات الله جل وعز فانف عن الله تعالى البطلان والتشبيه فلا نفي ولا تشبيه هو الله الثابت الموجود تعالى الله عما يصفه الواصفون ولا تعدوا القرآن ـ فتضلوا بعد البيان.
٢ ـ محمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن ابن أبي عمير ، عن إبراهيم
______________________________________________________
قوله من قبلك : بكسر القاف وفتح الباء ، أي من هو عندك وفي ناحيتك يعني أهل العراق.
قوله عليهالسلام : فأنف عن الله البطلان والتشبيه ، أمر بنفي التعطيل والتشبيه ، فإن جماعة أرادوا تنزيه الله عن مشابهة المخلوقات فوقعوا في التعطيل ونفي الصفات رأسا ، وجماعة أخرى أرادوا أن يصفوه بصفاته العليا وأسمائه الحسنى فأثبتوا له صفات زائدة على ذاته فشبهوه بخلقه ، فأكثر الناس إلا القليل النادر منهم بين المعطل والمشبه.
قوله : فلا نفي ولا تشبيه : أي يجب على المسلم أن لا يقول بنفي الصفات ولا إثباتها على وجه التشبيه ، وقوله : هو الله الثابت الموجود إشارة إلى نفي التعطيل والبطلان ، وقوله : تعالى الله عما يصفه الواصفون ، إشارة إلى نفي التشبيه فإن الواصفين هم الذين يصفون الله بصفات زائدة ، وقوله : ولا تعدوا القرآن أي فلا تجاوزوا ما في القرآن ، بأن تنفوا عن الله ما ورد في القرآن حتى تقعوا في ضلالة التعطيل ، والله يقول ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ، أو تثبتوا لله من الصفات ما يجب التنزيه عنها حتى تقعوا في ضيق التشبيه ، والله يقول : ( سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ ) (١) ثم الظاهر من هذه الأخبار المنع عن التفكر في كنه الذات والصفات ، والخوض فيها ، فإن العقل عاجز عنها ولا يزيد إلا حيرة وضلالة.
الحديث الثاني : مجهول كالموثق.
__________________
(١) سورة الصافات : ١٨٠.