يا هشام قد جعل الله ذلك دليلا على معرفته بأن لهم مدبرا فقال ( وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّراتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ) (١) وقال ( هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخاً وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلاً مُسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ) (٢)
______________________________________________________
قوله عليهالسلام : قد جعل الله ذلك دليلا ، أي كلا من الآيات المذكورة سابقا أو لا حقا وليس لفظ ذلك في التحف ، فالآيات اللاحقة أظهر ، وقوله تعالى ( وَسَخَّرَ لَكُمُ ) أي هيأها لمنافعكم ومسخرات بالنصب ، حال عن الجميع أي نفعكم بها حالكونها مسخرات الله ، خلقها ودبرها كيف شاء ، وقرأ حفص ( وَالنُّجُومَ مُسَخَّراتٍ ) على الابتداء والخبر ، فيكون تعميما للحكم بعد تخصيصه ، ورفع ابن عامر « الشمس والقمر » أيضا.
قوله تعالى ( خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ) : إذ خلق أول أفراد هذا النوع وأباهم منه ، أو لأن الغذاء الذي يتكون منه المني يحصل منه ، ويمكن أن يكون المراد التراب الذي يطرحه الملك في المني ، كما يشهد به بعض الأخبار وقوله تعالى ( ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ) أي أطفالا ، والأفراد لإرادة الجنس أو على تأويل يخرج من كل واحد منكم ، أو لأنه في الأصل مصدر.
قوله تعالى ( ثُمَّ لِتَبْلُغُوا ) اللام فيه متعلقة لمحذوف تقديره ثم يبقيكم لتبلغوا ، وكذا في قوله ( ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخاً ) ويجوز عطفه على لتبلغوا.
قوله تعالى ( أَشُدَّكُمْ ) : أي كما لكم في القوة والعقل ، جمع شدة كأنعم جمع نعمة.
قوله تعالى ( مِنْ قَبْلُ ) : أي من الشيخوخة أو بلوغ الأشد.
قوله تعالى ( أَجَلاً مُسَمًّى ) : أي يفعل ذلك لتبلغوا أجلا مسمى هو وقت الموت
__________________
(١) سورة النحل : ١٣.
(٢) سورة غافر : ٦٧.