وارتفع فوق كل منظر ، الذي لا بدء لأوليته ، ولا غاية لأزليته ، القائم قبل الأشياء ، والدائم الذي به قوامها ، والقاهر الذي لا يؤوده حفظها ، والقادر الذي بعظمته تفرد بالملكوت ، وبقدرته توحد بالجبروت ، وبحكمته أظهر حججه على خلقه ؛ اخترع الأشياء إنشاء ، وابتدعها ابتداء ، بقدرته وحكمته ، لا من شئ فيبطل الاختراع
________________________________________________________
قوله : وارتفع فوق كل منظر ، المنظر مصدر نظرت إليه وما ينظر إليه ، والموضع المرتفع ، فالمعنى انه تعالى ارتفع عن أنظار العباد أو عن كل ما يمكن أن ينظر إليه ، ويخطر بالبال معنى لطيف وهو : أن المعنى انه تعالى لظهور آثار صنعه في كل شئ ، ظهر في كل شئ ، فكأنه علاه وارتفع عليه ، فكلما نظرت إليه فكأنك وجدت الله عليه.
قوله : لا بدء لأوليته ، أي لسبقه الذاتي ، فإنه تعالى علة العلل ، وليس له ولا لعليته علة ، أو الزماني ، أي لا يسبقه أحد في زمان ولا زمان.
قوله : القائم ، أي الموجود القائم بذاته ، أو القائم بتدبير الأشياء وتقديرها قبل خلقها ، ويمكن أن يراد بالقبلية القبلية الذاتية.
قوله : والقاهر الذي ، قال الوالد العلامة طيب الله رمسه : القاهر هو الذي قهر العدم وأوجد الأشياء منه وحفظها بقدرته الكاملة ، ولا يؤده أي لا يثقل عليه حفظها ، ولعل فيه إشارة إلى احتياج الباقي في بقائه إلى المؤثر.
قوله : بالملكوت ، هو فعلوت من الملك كالجبروت من الجبر ، وقد يطلق عالم الملكوت على عالم المجردات والمفارقات ، وعالم الملك على الجسمانيات والمقارنات ، وقد يطلق الأول على السماويات ، والثاني على الأرضيات ، والظاهر ان المراد هنا تفرده تعالى بنهاية الملك والسلطنة.
قوله : حججه ، أي آياته التي أظهرها في الآفاق والأنفس ، أو الأنبياء والأوصياء عليهم السلام أو الأعم.
قوله : لا من شئ ، قال بعض الأفاضل : الاختراع والابتداع متقاربان في المعنى