لأن الله تبارك اسمه لم يدل على الباطن الخفي من العقل إلا بظاهر منه وناطق عنه
______________________________________________________
ويمكن أن يقرأ على صيغة المفعول فيحتمل وجهين : الأول : أن الناس يصدقون قوله لفعله ، وموافقته له ، الثاني : أن يكون الفعل مصدقا له.
قوله عليهالسلام : لأن الله.خطر بالبال لتوجيهه وجهان « الأول » : أنه عليهالسلام ادعى أولا أن الخوف من الله تعالى خوفا واقعيا يصير سببا لترك الذنوب في جميع الأحوال ، لا يكون إلا بأن يرزق العبد من الله تعالى عقلا موهبيا يبصر حقيقة الخير والشر كما هي ، ثم بين عليهالسلام ذلك بأن من لم يكن بهذه الدرجة من العقل لم يعقد قلبه على معرفة ثابتة للخير والشر يبصرها ويجد حقيقة تلك المعرفة في قلبه ، ثم بين أن تلك المعرفة الثابتة يلزمها أن يكون قول العبد موافقا لفعله ، وفعله موافقا لسره وضميره ، لأن الله تعالى جعل ما يظهر على الجوارح دليلا على ما في القلب ، ويفضح المتصنع بما يظهر من سوء قوله وفعله ، فثبت بتلك المقدمات ما ادعى عليهالسلام من أن الخوف الواقعي لا يكون إلا بالعقل عن الله « الثاني » أن لا يكون قوله ع ومن لم يعقل تعليلا لما سبق بل مقدمة برأسها ، وحاصلها : أن المعرفة الثابتة لا تحصل إلا بالعقل ، كما أن الخوف لا يحصل إلا به ، ثم بين عليهالسلام دليلا يعرف به تلك المعرفة الثابتة التي هي من آثار العقل ولوازمها ودلائلها ، وهي كون القول موافقا للفعل والسر أي ما يفعل في الخلوات موافقا للعلانية ، ثم علل ذلك بأن الله تعالى جعل تلك الآثار دليلا على العقل الذي أخفاه في الإنسان ، ولا يمكن معرفته إلا بها.
وقال بعض مشايخنا قدس الله روحه : لعل المراد أنه من لم يكن صالحا لم يخف الله لأنه من لم يكن صالحا لم يكن قوله مصدقا لفعله وسره موافقا لعلانيته ومن لم يكن كذلك لم يكن ذا معرفة ثابتة يجد حقيقتها في قلبه ، لأن الله تعالى جعل الظاهر دليلا على الباطن ، فالفعل ظاهر يدل على الاعتقاد الذي هو من الخفايا والسرائر ، ويكشف عنه ، والقول ظاهر يعبر عنه ، فإن دل الفعل على عدم تقرر