وهو تمام الأمر.
يا هشام إن العاقل لا يكذب وإن كان فيه هواه.
يا هشام لا دين لمن لا مروة له ولا مروة لمن لا عقل له وإن أعظم الناس قدرا الذي لا يرى الدنيا لنفسه خطرا أما إن أبدانكم ليس لها ثمن إلا الجنة فلا تبيعوها بغيرها.
يا هشام إن أمير المؤمنين عليهالسلام كان يقول إن من علامة العاقل أن يكون فيه ثلاث خصال يجيب إذا سئل وينطق إذا عجز القوم عن الكلام ويشير بالرأي الذي يكون فيه صلاح أهله فمن لم يكن فيه من هذه الخصال الثلاث شيء فهو أحمق
______________________________________________________
قبيحا يجوزه في نفسه ، فيظن بغيره خيرا ، ولا يظن بنفسه خيرا فيظن بكل منهم أنه خير منه ، ويكون هو عند نفسه شرا منهم.
قوله عليهالسلام : وهو تمام الأمر ، أي كل أمر من أمور الدين يتم به أو كأنه جميع أمور الدين مبالغة.
قوله عليهالسلام : لا مروة ، المروة : الإنسانية وكمال الرجولية ، وهي الصفة الجامعة لمكارم الأخلاق ومحاسن الآداب.
قوله عليهالسلام : خطرا ، الخطر الحظ والنصيب والقدر والمنزلة ، والسبق : الذي يتراهن عليه ، والكل محتمل.
قوله عليهالسلام : يجيب إذا سئل ، قيل : أي يكون قادرا على الجواب عما يسأل ، والنطق عند عجز القوم عن الكلام ، ومشيرا بالرأي الذي فيه صلاح القوم ، وعارفا بصلاحهم وآمرا به ، فمن لم يكن فيه شيء من هذه الثلاث فهو أحمق أي عديم الفهم ناقص التميز بين الحسن والقبيح ، ولعل قوله عليهالسلام : يجيب إذا سئل ، ناظر إلى الفتاوى في النقليات والشرعيات ، وقوله : وينطق إذا عجز القوم ، ناظر إلى تحقيق المعارف والعقليات ، ويشير بالرأي ، ناظر إلى معرفة التدبير والسياسات في العمليات فمن جمع فيه الخصال الثلاث دل على كمال عقله النظري والعملي ، ومن لم يكن فيه شيء منها كان ناقص العقل بقوتيه.