إن أمير المؤمنين عليهالسلام قال لا يجلس في صدر المجلس إلا رجل فيه هذه الخصال الثلاث أو واحدة منهن فمن لم يكن فيه شيء منهن فجلس فهو أحمق.
وقال الحسن بن علي عليهالسلام إذا طلبتم الحوائج فاطلبوها من أهلها قيل يا ابن رسول الله ومن أهلها قال الذين قص الله في كتابه وذكرهم فقال ـ ( إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ ) (١) قال هم أولو العقول.
وقال علي بن الحسين عليهالسلام مجالسة الصالحين داعية إلى الصلاح وآداب العلماء زيادة في العقل وطاعة ولاة العدل تمام العز واستثمار المال تمام المروءة وإرشاد المستشير قضاء لحق النعمة وكف الأذى من كمال العقل وفيه راحة البدن عاجلا وآجلا.
يا هشام إن العاقل لا يحدث من يخاف تكذيبه ولا يسأل من يخاف منعه ولا يعد ما لا يقدر عليه ولا يرجو ما يعنف برجائه ولا يقدم على ما يخاف فوته
______________________________________________________
قوله عليهالسلام : إذا طلبتم الحوائج ، أي الدينية والدنيوية ، واختصاص الأولى بأولى العقول ظاهر ، وأما الثانية فللذل الذي يكون في رفع الحاجة إلى الناقص في الدين ، ولعدم الأمن من حمقه ، فربما يمنعه أو يأتي بما ضره أكثر من نفعه.
قوله عليهالسلام : وأدب العلماء ، أي مجالستهم وتعلم آدابهم والنظر إلى أفعالهم ، والتخلق بأخلاقهم موجبة لزيادة العقل ، والحمل على رعاية الآداب في مجالسة العلماء لا يخلو من بعد.
قوله عليهالسلام : واستثمار المال ، أي استنمائه بالتجارة والمكاسب دليل تمام الإنسانية وموجب له أيضا لأنه لا يحتاج إلى غيره ويتمكن من أن يأتي بما يليق به.
قوله عليهالسلام : قضاء : أي شكر لحق نعمة أخيه عليه ، حيث جعله موضع مشورته ، أو شكر لنعمة العقل وهي من أعظم النعم ، ولعل الأخير أظهر.
قوله عليهالسلام : ما يعنف ، التعنيف اللوم والتعيير بعنف ، وترك الرفق والغلظة ،
__________________
(١) سورة : زمر ٣٩.