والجهل فقال أبو عبد الله عليهالسلام اعرفوا العقل وجنده والجهل وجنده تهتدوا قال سماعة فقلت جعلت فداك لا نعرف إلا ما عرفتنا فقال أبو عبد الله عليهالسلام إن الله عز وجل خلق العقل وهو أول خلق من الروحانيين عن يمين العرش من نوره فقال له أدبر فأدبر ثم قال له أقبل فأقبل فقال الله تبارك وتعالى خلقتك خلقا عظيما وكرمتك على جميع خلقي قال ثم خلق الجهل من البحر الأجاج ظلمانيا.
______________________________________________________
أعطاهما مثل تلك الجنود ، كما أوردته في كتاب البحار ، والحاصل أن هذه جنود للعقل وأصحابه ، وتلك عساكر للجهل وأربابه ، فلو حملنا العقل على القوة الداعية إلى الخير وأفعال الحسنة والجهل على القوة الداعية إلى خلاف ذلك ، فالمقصود أن الله سبحانه أعطى بحكمته الكاملة كل مكلف قوتين داعيتين إلى الخير والشر ، أحدهما العقل والأخرى الجهل ، وخلق صفات حسنة تقوى العقل في دعائه إلى الخير ، وخلق ضدها من رذائل تقوى الجهل في دعائه إلى الشر وقس عليه سائر المعاني.
قوله عليهالسلام من الروحانيين : يطلق الروحاني على الأجسام اللطيفة وعلى الجواهر المجردة إن قيل بها ، قال في النهاية في الحديث : الملائكة الروحانيون يروى بضم الراء وفتحها ، كأنه نسب إلى الروح والروح ، وهو نسيم الروح ، والألف والنون من زيادات النسب ويريد به أنهم أجسام لطيفة لا يدركهم البصر.
قوله عليهالسلام : عن يمين العرش ، قيل أي أشرف جانبيه وأقواهما وجودا.
قوله عليهالسلام : من نوره ، أي من نور منسوب إليه تعالى لشرفه أو من ذاته تعالى لا بواسطة شيء أو مادة ، أو أنه لما كان سببا لظهور الأشياء على النفس فهو من أنوار الله سبحانه التي جعلها سببا لظهورها ، وقيل : من جنس نوره أي ذاته الأقدس ، لكونه مجردا أو من جنس النور الذي خلقه وهو العقل المجرد ، وهما إنما يتجهان إذا قلنا بوجود مجرد سوى الله ، وبوجود العقل وقد عرفت ما فيهما.
قوله عليهالسلام : من البحر الأجاج ، أي من المادة الظلمانية الكدرة أو بوساطتها وظلمانيته لكونه خاليا من نور المعرفة ، أو غير قابل للهداية أو آلة لضلالة صاحبه ،