كان الغالب على أهل عصره السحر فأتاهم من عند الله بما لم يكن في وسعهم مثله وما أبطل به سحرهم وأثبت به الحجة عليهم وإن الله بعث عيسى ع في وقت قد ظهرت فيه الزمانات واحتاج الناس إلى الطب فأتاهم من عند الله بما لم يكن عندهم مثله وبما أحيا لهم الموتى وأبرأ الأكمه والأبرص بإذن الله وأثبت به الحجة عليهم.
وإن الله بعث محمدا صلىاللهعليهوآله في وقت كان الغالب على أهل عصره الخطب والكلام وأظنه قال الشعر فأتاهم من عند الله من مواعظه وحكمه ما أبطل به قولهم وأثبت به الحجة عليهم قال فقال ابن السكيت تالله ما رأيت مثلك قط فما الحجة على الخلق اليوم قال فقال عليهالسلام العقل يعرف به الصادق على الله فيصدقه والكاذب
______________________________________________________
قوله عليهالسلام : كان الغالب على أهل عصره السحر : الحاصل أن الغالب على أهل العصر مما يستكمل صنعته ويبلغ حد كماله ، فالغلبة فيه وفي شبهه أقوى ، وأتم في إثبات المقصود ، حيث عرفوا نهاية المقدور لهم فيه ، فإذا جاوزه حصل لهم العلم بأنه ليس من فعل أشباههم وأمثالهم ، بل من فعل خالق القوي والقدر أو من فعل من أقدره عليه بإعطاء قدرة مخصوصة به ، وأما المتروك في العصر فربما يتوهم أنهم لو تناولوه وسعوا فيه واكتسبوه ، بلغوا الحد الذي يتأتى منهم الإتيان بما أتى به.
قوله : وأظنه ، من كلام الراوي أي وأظنه ضم الشعر أيضا إلى الخطب والكلام
قوله : فما الحجة على الخلق اليوم؟ أي كان الحجة على الخلق في صدق الرسل معجزاتهم فما الحجة عليهم اليوم في صدق من يجب اتباعه حيث لا يعرف بالمعجزة الظاهرة؟ فأجاب عليهالسلام بأن بعد نزول الكتاب وانضباط الآثار الثابتة عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يعرف بالعقل ، الصادق على الله من الكاذب عليه ، فإن الصادق على الله عالم بالكتاب ، راع له ، متمسك بالسنة ، حافظ لها ، والكاذب على الله تارك للكتاب غير عالم ، به ، مخالف للسنة بقوله وفعله ، كذا قيل ، وهذا لا ينافي صدور المعجزات عن الأئمة عليهالسلام فإنهم لما كانوا في أزمنة الخوف والتقية لم يمكنهم إظهار المعجزة