فطنا فهما فعلم بذلك كيف ولم وحيث وعرف من نصحه ومن غشه فإذا عرف ذلك عرف مجراه وموصوله ومفصوله
______________________________________________________
على العلم وعلى أرواح الأئمة عليهالسلام ، وعلى رحمة الله سبحانه ، وعلى ما يلقيه في قلوب العارفين من صفاء وجلاء ، به يظهر عليهم حقائق الحكم ودقائق الأمور ، وعلى الرب تبارك وتعالى لأنه نور الأنوار ، ومنه يظهر جميع الأشياء في الوجود العيني ، والانكشاف العلمي ، وهنا يحتمل الجميع ، ومن قال بالعقول المجردة ربما يفسر النور هنا بها ، وتأييده بإشراقها عليه كما أومأنا سابقا إليه ، وقد عرفت ما فيه « كان عالما » ذاكرا لربه بحيث لا يشغله عنه شيء فطنا فهما في غاية الكمال فكان كاملا في القوتين النظرية والعملية وما يذكر بعد ذلك بعضه إشارة إلى الأولى وبعضه إلى الثانية كما سيظهر.
قوله عليهالسلام فعلم بذلك كيف : أي كيفية الأعمال والأخلاق أو كيفية السلوك إلى الآخرة ، والوصول إلى الدرجات العالية أو حقائق الأشياء و « لم » أي علقة الأشياء السالفة وغايتها ، أو علل وجودها وما يؤدي إليها كعلة الأخلاق الحسنة فإنه إذا عرفها يجتنبها ، أو أنه يتفكر في علقة العلل ومبدء المبادئ وسائر العلل المتوسطة ، أو يتفكر في دلائل جميع الأمور ولا يأخذها بمحض التقليد و « حيث » أي يعلم مواضع الأمور فيضعها فيها ، كالإمامة في أهل بيت الرسالة والنصيحة فيمن يقبلها ، والحكمة فيمن هو أهل لها ، أو حيثيات الأشياء والأحكام واعتباراتها المختلفة الموجبة لاختلاف أحوالها و « عرف من نصحه » أي يقبل النصح منه وإن كان عدوه وعرف غش من غشه وإن كان صديقه ، أو عرف صديقه الواقعي من عدوه الواقعي ، بما يظهر منهم أو بنور الإيمان كما كان للأئمة عليهالسلام يعرفون كلا بسيماهم.
قوله عليهالسلام عرف مجراه ، اسم مكان أو مصدر ، أي سبيله الذي يجري فيه إلى الحق أو يعلم أنه متوجه إلى الآخرة ويعمل بمقتضى هذا العلم ولا يتشبث بالدنيا