ومِل إلى الكرخ وارمُق قُبة سمَقَت |
|
تجاذبتها الثريا فهي شماء |
وحي فيها إماماً من أنامله |
|
سحابة الفضل والإنعام وطفاء |
وهذه المقطوعة الشعرية الرائعة وإن جعلت المقابلة بين الإمام موسى الكاظم عليهالسلام وحاكم عصره والمتعاونين معه على الإثم والعدوان إلا أن مضمونها ومحتواها ينسحب بشكل عام ليشمل كل فرد أو جماعة سائرة في خط السماء بالإيمان الصادق والتقوى والعمل الصالح كما يشمل الطرف المقابل لهذه الفئة الهادية المهتدية إلى درب العبادة والكمال ( وبضدها تتميز الأشياء ) .
ولذلك ينطلق المضمون المذكور في رحاب التاريخ ليصل إلى عصر الإمام الهادي عليهالسلام ومعاصره المتوكل العباسي والقصة التالية تُظهر لنا تحقق المقابلة بين خط الهدى والاستقامة في العقيدة والسلوك والخط المقابل المنحرف عن هذا الخط القويم والصراط المستقيم وحاصل القصة المشار إليها :
أن المتوكل أحضر الإمام الهادي عليهالسلام إلى قصر حكمه وهو جالس على مائدة الخمر وطلب من الإمام أن يشاركه في شربه فقال له الإمام عليهالسلام اعفني يا أمير فوالله ما خالط لحمي ودمي قط فاعفني منه فقال له المتوكل إذن أنشدني الشعر فقال له إني لقليل الرواية فألحّ عليه المتوكل وقال له لا بد من أن تنشدني شعراً فأنشده الأبيات التالية لينبهه من غفلته وهي كما يلي :
باتوا على قُلل الأجبال تحرسُهم |
|
غلبُ الرجالِ فلم تنفعهم القُلَلُ |
واستنزلوا بعد عز من معاقلهم |
|
وأسكنوا حفراً يا بئس ما نزلوا |
ناداهم صارخ من بعدما قُبروا |
|
أين الأسرةُ والتيجانُ والحُلَلُ |