رحمة الله ورضوانه ولا يبعد أن يكون تسمية هذا المشعر ـ بالمزدلفة ـ رمزاً لذلك المعنى . وبعد قيام الحاج بما وجب عليه من الوجود في المشعر من الفجر إلى طلوع الشمس يأتي دور الزحف إلى منى صباح اليوم العاشر ـ ليقوم الناسك في هذا اليوم ـ وفي ذلك المكان بمناسكه الثلاثة رمي الجمرة وذبح الهدي والحلق والتقصير ويبقى عليه المبيت في منى ليلتي الحادي والثاني عشر وربما الثالث عشر ـ في بعض الفروض ـ من أجل رمي الجمرات الثلاث يومي الحادي والثاني عشر وربما الثالث عشر في بعض الصور . وبعد المبيت في منى ورمي جمراتها يرجع إلى مكة لطواف الحج وصلاته وللسعي ثانياً وطواف النساء وصلاته . ويجوز للحاج أن يأتي إلى مكة بعد فراغه من أعمال منى صباح يوم العيد ليأتي بالأعمال المذكورة ثم يرجع إلى منى ليبيت فيها ليلتي الحادي عشر والثاني عشر وربما الثالث عشر مع رميه الجمرات الثلاث صباح كل يوم يبيت الناسك ليلته في منى .
وذكر هذه المناسك بهذا الاختصار لمجرد رسم الصورة الاجمالية في أعمال حج التمتع وعمرته المتقدمة عليه ولا بد لكل ناسك من الرجوع إلى مناسك مرجعه في التقليد ليطبق أعماله على فتاواه فيها . وأما المجتهد فهو يرجع إلى مناسكه ليعمل وفق فتاواه أو احتياطاته ـ كما هو واضح .
وبعد الفراغ من تحرير صفحات هذا الكتاب ( حول فلسفة الحج في الإسلام ) ترجح لدي نقل حديث كتبته حول فلسفة العبادة بمعناها العام وعبادة الحج خاصة وهو منشور في الجزء الأول من وحي الإسلام صفحة ٢٨ . وذلك لانسجامه مع مضمون أبحاث هذا الكتاب من جهة وللحديث فيه حول فلسفة الحج ـ موضوع البحث فيه ـ من جهة أخرى وفيما يلي الحديث المذكور ، وموضوعه .