( ولعل الذي أبطأ عني هو خير لي لعلمك بعاقبة الأمور ) .
والمؤمن الواعي يكون موفقاً لمرافقة الله له واعتنائه به في كلتا الحالتين إذا قابل توفيق الله له بالشكر حيث ينال ثوابه كما ينال أجر الصبر والرضا بما قدره الله له من عدم تحقق غايته المنشودة .
وبذلك يكون الله معه بمرافقة العناية والرعاية ما دام رضاه بالحرمان وصبره عليه مثمراً له ما هو أنفع مما فاته في هذه الحياة الزائلة .
قال سبحانه : ( وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ ) (١) .
وقال تعالى : ( وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الْأُولَىٰ ) (٢) .
وإنما تعرضت لهذا الحديث في المقام بمناسبة الكلام حول المرافقة الإلهية بمعناها الثاني من أجل دفع الشبهة التي تعرض لبعض المؤمنين عندما يقع في محنة ويصاب بصدمة لحدوث مفاجأة سلبية مثيرة كسقوطه في الامتحان رغم بذله الجهد المستطاع في سبيل تحصيل المعدل المناسب أو الخسارة في التجارة رغم التحفظ والاحتياط لعدم الإصابة بها أو الهزيمة في المعركة رغم الأخذ بأسباب النصر وإعداد ما استطاع له المؤمنون من قوة مادية ومعنوية وهكذا .
وعلى ضوء البيان الأخير لمعنى المرافقة الإلهية والرعاية السماوية للإنسان المؤمن بالله المتوكل عليه الواثق بعدله وحكمته .
تندفع الشبهة بعد ملاحظة أن المرافقة الإلهية للإنسان بمعناها الثاني الذي يحمل في طيه معنى الرفق واللطف ـ لا تنحصر بالإعانة على تحصيل
__________________
(١) سورة الأعلى ، الآية : ١٧ .
(٢) سورة الضحى ، الآية : ٤ .