لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى » (١) وقال « إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ » (٢) فمن اتقى الله فيما أمره لقي الله مؤمنا بما جاء به محمد صلىاللهعليهوآله هيهات هيهات فات قوم وماتوا قبل أن يهتدوا وظنوا أنهم آمنوا وأشركوا من حيث لا يعلمون.
______________________________________________________
العهد منه سبحانه حيث قال : « وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ » أي من الكفر « وَآمَنَ » أي بالله وبرسوله وصدق الله ورسوله « وَعَمِلَ صالِحاً » أي عملا صالحا أمر به « ثُمَّ اهْتَدى » أي بعد التوبة والإيمان ، والعمل بما كلف به من الأعمال الصالحة ، سلك طريق الهدي الذي أمر بسلوكه من الأخذ عن الحجة فيما يحتاج إلى أخذه ، واتباع من أمر بمتابعته وجعل إماما على المسلمين بإعلام من الله ورسوله ، وفي الدلالة على تأخر الاهتداء عن التوبة والإيمان والعمل الصالح وانفصاله عنها بقوله ، ثم أشار إلى أن المراد بالاهتداء فيما يجب بعدها ، وإنما الواجب بعدها ما يجب بعد زمن رسول الله صلىاللهعليهوآله من المراجعة في المعارف الإلهية والأحكام الشرعية إلى المنصوب لذلك من جانب الله واتباعه في أوامره ونواهيه الشرعية ، وحيث قال : « إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ » أي إنما نتقبل الأعمال الصالحة من الطاعات والعبادات من المتقين.
ولا يخفى دلالته على مغايرة التقوى للإتيان بها والتقوى المغايرة للإتيان بها أخذها عن مأخذها والتجنب عن الأخذ عن غيره ، والدخول من غير الباب ، وتشريك الطواغيت له سبحانه في الأعمال والعبادات ، كما قال تعالى في آية أخرى : « يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ » (٣).
« هيهات » تأكيد لقوله : ضل أصحاب الثلاثة ، وهو اسم فعل بمعنى بعد « وأشركوا من حيث لا يعلمون » حيث أشركوا مع الإمام المنصوب من قبل الله الطواغيت والفراعنة ، وقد أشير إلى ذلك في آيات كثيرة نحو قوله تعالى « وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ اللهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ » (٤) وقوله
__________________
(١) سورة طه : ٨٥.
(٢) سورة المائدة : ٣١.
(٣) سورة التوبة : ١١٩.
(٤) سورة الأعراف : ٣٠.