جنها الليل بصرت بقطيع غنم مع راعيها فحنت إليها واغترت بها فباتت معها في مربضها فلما أن ساق الراعي قطيعه أنكرت راعيها وقطيعها فهجمت متحيرة تطلب راعيها وقطيعها فبصرت بغنم مع راعيها فحنت إليها واغترت بها فصاح بها الراعي الحقي براعيك وقطيعك فأنت تائهة متحيرة عن راعيك وقطيعك فهجمت ذعرة متحيرة
______________________________________________________
قوله : مع غير راعيها ، أي الشاة وفي بعض النسخ « مع راعيها » فالضمير راجع إلى الغنم.
وفي القاموس : الحنن : الشوق ، وتوقان النفس ، والذعر : الفزع والخوف ، والحاصل أنه عليهالسلام ذكر هذا التشبيه على سبيل التمثيل ، وهو عبارة عن تشبيه هيئة منتزعة من أشياء متعددة بهيئة أخرى ، ولا بد من اشتماله على تشبيهات متعددة للأجزاء بالإجزاء ، ففي هذا التمثيل شبه عليهالسلام الإمام بالراعي ، والأمة بالغنم ، والجاهل الذي لا إمام له بالشاة التي ضلت عن راعيها وقطيعها ، وشبه عبادته وسعيه لطلب الإمام من غير بصيرة بتهجم تلك الشاة ذاهبة وجائية ، لاشتراكهما في الضلال والتحير مع السعي والتردد ولحوقه كل يوم بطائفة لتحيره في أمره بلحوق الشاة الضالة بالقطيع ، وتنفره عما يرى منهم من سوء العقائد والأعمال ، وأشياء يخالف ما في يده منهما بإنكار الشاة راعيها وقطيعها ، وتنفر طائفة عنه محقين كانوا أو مبطلين ، لما يرون منه من رسوخه في الضلال وعدم استعداده لقبول ما هم عليه ، إما للتقية أو لعدم تجويز تأثير النصح فيه ، بصياح الراعي بالشاة النافرة : الحقي براعيك وقطيعك الشيطان الذي يجعله ثابتا في الضلالة ، بالذئب المهلك.
فالتشبيه والتمثيل في غاية الحسن والتمام ، وهو وصف لحال الفرق الشاذة عن الشيعة الإمامية كالزيدية والفطحية والواقفية وأمثالهم ، فإنهم لما تركوا الإمام الحق ، وضلوا عنه ذهبوا إلى عبد الله الأفطح وأمثاله ، فسألوهم عن مسائل ووجدوهم مخالفين لما وصل إليهم من أئمة الحق قولا وفعلا ، فتركوهم وذهبوا إلى طائفة أخرى من فرق الشيعة الضالة فلم يقبلوهم ، أو إلى الفرقة الإمامية فلم يثقوا بهم وردوهم لعدم خلوص