يكلؤه بستره مطرودا عنه حبائل إبليس وجنوده مدفوعا عنه وقوب الغواسق ونفوث كل فاسق مصروفا عنه قوارف السوء مبرأ من العاهات محجوبا عن الآفات معصوما من الزلات مصونا عن الفواحش كلها معروفا بالحلم والبر في يفاعه.
______________________________________________________
بحفظه وحراسته أو بعين عنايته ، والكلاءة : الحراسة ، والطرد : الدفع ، والحبائل جمع الحبالة بالكسر : المصائد ، والوقوب : الدخول ، والغسق : أول ظلمة الليل ، والغاسق : ليل عظم ظلامه ، ولعله إشارة إلى قوله تعالى : « وَمِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ » وفسر بأن المراد به ليل دخل ظلامه في كل شيء ، وتخصيصه لأن المضار فيه يكثر ويعسر الدفع ، فالمعنى أنه يدفع عنه الشرور التي يكثر حدوثها بالليل غالبا ، أو المراد دفع شرور الجن والهوام المؤذية ، فإنها تقع بالليل غالبا كما تدل عليه الأخبار ، أو المراد عدم دخول مظلمات الشكوك والشبه والجهالات عليه.
« ونفوث كل فاسق » أي لا يؤثر فيه سحر الساحرين من قوله تعالى : « وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ » أو يكون كناية عن دفع وساوس شياطين الإنس والجن والأول أظهر ، وما ورد من تأثير السحر في النبي والحسنين صلوات الله عليهم فمحمول على التقية ، وردها أكثر علمائنا ، ويمكن حمله على أنه لا يؤثر فيهم تأثيرا لا يمكنهم دفعه ، فلا ينافي تلك الأخبار لو صحت « مصروفا عنه قوارف السوء » من اقتراف الذنب بمعنى اكتسابه ، أو المراد الاتهام بالسوء ، من قولهم : قرف فلانا عابه أو اتهمه ، وأقرفه وقع فيه وذكره بسوء ، وأقرف به عرضه للتهمة.
والمراد بالعاهات والآفات : الأمراض التي توجب نفرة الخلق وتشويه الخلقة ، كالعمى والعرج (١) والجذام والبرص وأشباهها ، ويحتمل أن يراد بالثاني الآفات النفسانية وأمراضها « في يفاعه » أي في صغره وبدو شبابه ، يقال : يفع الغلام : إذا راهق ، وفي بعض النسخ : بالباء الموحدة والقاف أي في بلاده التي نشأ فيها ، أو في جميع
__________________
(١) وفي نسخة « القرح » بدل « العرج ».