لأصحابنا بمصر فبينا أنا كذلك حتى قعد فقال يا علي إن الله احتج في الإمامة بمثل ما احتج به في النبوة فقال « وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا » (١) و « لَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ
______________________________________________________
أي نظرت نظرا جيدا باهتمام ، وفي بعضها : أحددت ، بالحاء المهملة كما في البصائر ، أي نظرت نظرا حادا.
قوله « ولما بلغ أشده » أقول : هذا لا يوافق ما في المصاحف ، فإن مثل ذلك في القرآن في ثلاثة مواضع ، أحدها في سورة يوسف هكذا : « وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ » (٢) وثانيها في سورة الأحقاف هكذا : « وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ » (٣) ثالثها في سورة القصص في قصة موسى هكذا « وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوى آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ » (٤).
وما في الخبر لا يوافق شيئا منها ، ولعله من تصحيف النساخ لأنه روى صاحب تأويل الآيات الباهرة عن العياشي بإسناده عن علي بن أسباط قال : قدمت المدينة وأنا أريد مصر فدخلت على أبي جعفر محمد بن علي الرضا عليهماالسلام وهو إذ ذاك خماسي فجعلت أتأمله لأصفه لأصحابنا بمصر ، فنظر إلى وقال : يا علي إن الله أخذ في الإمامة كما أخذ في النبوة فقال سبحانه في يوسف : « وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً » وقال عن يحيى : « وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا » وراوي الخبرين واحد.
ويحتمل أن يكون عليهالسلام نقل الآية بالمعنى إشارة إلى آيتي سورة يوسف والأحقاف ، ليتم الاستدلال وحاصله أنه تعالى قال في سورة يوسف « وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْناهُ حُكْماً » ، وفسر الأشد في الأحقاف بقوله « وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً » ، وعليه
__________________
(١) سورة مريم : ١٢.
(٢) الآية : ٢٢.
(٣) الآية : ١٥.
(٤) الآية : ١٤.