وقال في المصباح : زعم زعما من باب قتل وفي الزعم ثلاث لغات فتح الزاي للحجاز ، وضمها لاسد ، وكسرها لبعض قيس ، ويطلق بمعنى القول ، ومنه زعمت الحنيفية ، وزعم سيبويه أي قال ، وعليه قوله تعالى : «أو تسقط السماء كما زعمت» (١) أي كما أخبرت ، ويطلق على الظن يقال : في زعمي كذا ، وعلى الاعتقاد ومنه قوله تعالى : «زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا» (٢) قال الازهري : وأكثرها ما يكون الزعم فيما يشك فيه ، ولا يتحقق ، وقال بعضهم : هو كناية عن الكذب ، وقال المرزوقي : أكثر ما يستعمل في ما كان باطلا وفيه ارتياب وقال ابن القوطية : زعم زعما قال خبرا لا يدري احق هو أو باطل ، قال الخطابي : ولذا قيل : زعم مطية الكذب ، وزعم من غير مزعم ، قال غير مقول صالح وادعى مالا يمكن انتهى.
أقول : وإذا علمت ذلك ظهر لك أن الزعم إما حقيقة لغوية أو عرفية أو شرعية في الكذب ، أو ما قيل بالظن أو بالوهم من غير علم وبصيرة فاسناده إلى من لا يكون قوله إلا عن حقيقة ويقين ، ليس من دأب أصحاب اليقين ، وإن كان مراده مطلق القول أو القول عن علم فغرضه عليهالسلام تأديبه وتعليمه آداب الخطاب مع ائمة الهدى وساير اولي الالباب ، واما الحكم بكونه ذلك كذبا وحراما فهو مشكل اذ غاية الامر أن يكون مجازا ولا حجر فيه. وأما يمينه عليهالسلام على عدم الزعم فهو صحيح لانه قصد به الحقيقة أو المجاز الشايع وكأنه من التورية والمعاريض لمصلحة التاديب أو تعليم جواز مثل ذلك للمصلحة فان المعبر في ذلك قصد المحق في المتخاصمين كما ذكره الاصحاب ، وكأنه لذلك ذكر المصنف رحمهالله (٣) الخبر في هذا الباب وإن كان مع قطع النظر عن ذلك له مناسبة خفية له فتأمل.
قوله عليهالسلام : «إن كل زعم في القرآن كذب» أي أطلق في مقام
____________________
(١) الاسراء : ٩٢.
(٢) التغابن : ٧. (٣) يعني الكليني في الكافي باب الكذب.