ذلك وخرجنا من المركب وتبعته من بلد إلى بلد ليعرفني ماكتب فلما ألححت عليه قال : والله ماكتبت غير سورة قل هو الله أحد.
أقول أنا : ولا ريب أنه كتبها بالاخلاص ، فكانت سبب الخلاص ولوكتب اسم الله الاعظم الارحم لكفى في النجاة والظفر بالعز والجاه.
ورأيت في المجلد السابع من معجم البلدان للحموي في ترجمة محمد بن السائب قال : كنت يوما بالحيرة : فوثب إلى رجل فقال : أنت الكلبي قال : قلت : نعم قال : مفسر القرآن؟ قلت : نعم قال : فأخبرني عن قول الله عزوجل «وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا» (١) ماذلك القرآن الذي كان رسول الله صلىاللهعليهوآله إذا قرء حجب عن عدوه من الجن والانس؟ قال : قلت : لا أدري قال : فتفسر القرآن وأنت لاتعلمه؟ قلت : أخبرني قال : آية من الكهف وآية من الجاثية وآية في النحل قلت : الآيات في هذه السورة كثيرة فقال : قوله تعالى : «أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلاتذكرون» (٢).
وقوله عزوجل «ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه فأعرض عنها ونسي ماقدمت يداه إنا جعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإن تدعهم إلى الهدى فلن يهتدوا إذا أبدا» (٣) وقوله تعالى : «اولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم واولئك هم الغافلون» (٤) ثم التفت فلم أره فكأنما ابتلعته الارض ، فصرت إلى مجلس من مجالسي فتحدثت بهذا الحديث فلماكان بعد مدة صار إلى رجل ممن حضر مجلسي فقال لي : خرجت من الكوفة اريد بغداد وخرجت معي سفائن سن وكانت سفينتي السابعة فقرأت هذه الآيات في سفينتي فنجوت وقطع الست.
قال : وضرب الدهر من ضرباته وأتاني رجل بعد سنين كثير فسلم علي
____________________
(١) أسرى : ٤٥. (٢) الجاثية : ٢٣.
(٣) الكهف : ٥٧. (٤) النحل : ١٠٨.