من الناس قد اتخذهم الناس سخريا لما يرمونهم به من المنكرات وكان يقال لا يكون المؤمن مؤمنا حتى يكون أبغض إلى الناس من جيفة الحمار ولو لا أن يصيبك من
______________________________________________________
يأخذ من الرهن حقه كما قال تعالى « كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ إِلاَّ أَصْحابَ الْيَمِينِ » (١) فإنهم فكوا رهانها.
قوله عليهالسلام : « فعجب » أي كون رضى الله وطاعته منحصرة في هؤلاء القوم الذين يستحقرهم الناس محل للتعجب يستبعده الناس ، وتأبى عنه أوهامهم وعقولهم الفاسدة التي ألفت بالدنيا وزينتها ، وفي بعض النسخ [ بعجب ] بضم العين ، فيكون متعلقا بالترك أي إن تركته بسبب الإعجاب بالنفس والتكبر عن قبول الحق وإطاعة أهله قال الفيروزآبادي : العجب بالضم : الزهو والكبر (٢) ، وفي بعضها[ تعجب ] على صيغة الخطاب وعلى هذا كأنه كان تعجب في نفسه أو أظهر تعجبه في رسالته فرد عليهالسلام ذلك عليه ، قوله : « ونصيحته » أي نصح عبادة أو طاعته مجازا.
قوله عليهالسلام : « في عباد غرباء » الغربة عبارة عن قلة الأعوان وقلة الموافقين لهم فيما هم فيه من دين الحق ، كما قال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم « إن الإسلام بدأ غريبا فطوبى للغرباء (٣) ».
قوله عليهالسلام : « أخلاء من الناس » الإخلاء : جمع خلو بالكسر ، وهو الخالي عن الشيء ويكون بمعنى المنفرد ، ويقال : أخلاء إذا انفرد أي هم أخلاء من أخلاق عامة الناس وأطوارهم الباطلة أو منفردون عن الناس معتزلون عن شرارهم.
قوله عليهالسلام : « لما يرمونهم به من المنكرات » أي يتخذهم الناس سخرية واستهزاء بسبب ما يرميهم الناس ويتهمهم به من المنكرات التي هم براء منها ، أو من أشياء يزعمونها من المناكير ، وليست بها ، ويحتمل أن يكون ضمير الفاعل راجعا إلى العباد المحقين أي إنما يتخذون هؤلاء العباد سخريا لأنهم ينسبونهم إلى المنكرات أي يبينون أن أفعالهم وأديانهم منكرة وينهونهم عنها.
قوله عليهالسلام : « وكان يقال » أي يقول النبي وأهل هذا البيت عليهمالسلام وهذا رد
__________________
(١) سورة المدّثّر : ٣٨.
(٢) القاموس المحيط : ج ١ ص ١٠١.
(٣) بحار الأنوار : ج ٢٤ ص ٣٢٨ ح ٤٦ ـ ب ٦٧. والحديث مرويّ عن الباقر ( عليهالسلام ).