عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ » فأنزل الله عليه مقالة الحارث ونزلت هذه الآية « وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَما كانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ » ثم قال له يا ابن عمرو إما تبت وإما رحلت فقال يا محمد بل تجعل لسائر قريش شيئا مما في يديك فقد ذهبت بنو هاشم بمكرمة العرب والعجم فقال له النبي صلىاللهعليهوآله ليس ذلك إلي ذلك إلى الله تبارك وتعالى فقال يا محمد قلبي ما يتابعني على التوبة ولكن أرحل عنك فدعا براحلته فركبها فلما صار بظهر المدينة أتته جندلة فرضخت هامته ثم أتى الوحي إلى النبي صلىاللهعليهوآله فقال « سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ لِلْكافِرينَ » بولاية علي « لَيْسَ لَهُ دافِعٌ مِنَ اللهِ ذِي الْمَعارِجِ » (١) قال قلت جعلت فداك إنا لا نقرؤها هكذا فقال هكذا والله
______________________________________________________
كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ » يحتمل أن يكون المراد ترك عذاب الاستئصال ببركته صلىاللهعليهوآلهوسلم : فلا ينافي ورود هذا العذاب عليه.
ويحتمل أن يكون المراد بأول الآية نفي عذاب الاستئصال ، وبقوله : « وَما كانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ » نفي العذاب الوارد على الأشخاص ، فلذا أمره صلىاللهعليهوآلهوسلم بالتوبة لرفعه ، فلما لم يتب نزل عليه.
قوله : « جندلة » أي حجارة.
قوله عليهالسلام : « فرضت » وفي بعض النسخ فرضخت والرض : الدق ، والرضخ ، الكسر والدق.
قوله تعالى : « سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ » أي دعا داع به بمعنى استدعائه ، ولذلك عدي الفعل بالباء قال البيضاوي : السائل نضر بن الحرث ، فإنه قال « إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً » وأبو جهل فإنه قال : « فَأَسْقِطْ عَلَيْنا كِسَفاً مِنَ السَّماءِ » سأله استهزاء : أو الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم استعجل بعذابهم. قوله تعالى : « ذِي الْمَعارِجِ » أي ذي المصاعد ، وهي الدرجات التي يصعد فيها الكلم الطيب والعمل الصالح ، أو يترقى فيها المؤمنون في سلوكهم ، أو في دار ثوابهم أو مراتب الملائكة أو في السماوات ، فإن الملائكة يعرجون فيها.
__________________
(١) أنوار التنزيل : ج ٢ ص ٥٠٢ ـ ٥٠٣ « ط مصر ١٣٨٨ ».