.................................................................................................
______________________________________________________
« عليه » إما راجع إلى السيل فعلى تعليلية أو إلى العرم ، إذا فسر بالسد وفي بعض النسخ نقب بالنون والقاف والباء الموحدة فقوله فأرة مرفوع بالفاعلية ، وفي نهج البلاغة (١) كسيل الجنتين حيث لم تسلم عليه فأرة ، ولم تثبت له أكمة. والفأرة : الجبل الصغير ، والأكمة هي الموضع الذي يكون أشد ارتفاعا مما حوله ، وهو غليظ لا يبلغ أن يكون حجرا ، أو التل من حجارة واحدة أو هي دون الجبال. والحاصل : بيان شدة السيل المشبه به بأنه أحاط بالجبال ، وذهب بالتلال ولم يمنعه شيء « ولم يرد سننه رص طود » السنن : الطريق والرص : التصاق الأجزاء بعضها ببعض ، والطود : الجبل أي لم يرد طريقه طود مرصوص ، أي جبل اشتد التصاق أجزائه بعضها ببعض ، وفي النهج بعد ذلك : ولا حداب أرض هي جمع حدبة ، وهي المكان المرتفع ، ولما بين عليهالسلام شدة المشبه به أخذ في بيان شدة المشبه فقال : « يذعذعهم الله في بطون أو دية » الذعذعة بالذالين المعجمتين ، والعينين المهملتين : التفريق أي يفرقهم الله في السيل متوجهين إلى البلاد « ثم يسلكهم « يَنابِيعَ فِي الْأَرْضِ » » من ألفاظ القرآن (٢) أي كما أن الله تعالى ينزل الماء من السماء فيستكن في أعماق الأرض ثم يظهره ينابيع إلى ظاهرها كذلك هؤلاء يفرقهم الله في بطون الأودية ، وغوامض الأغوار ثم يظهرهم بعد الاختفاء ، كذا ذكره ابن أبي الحديد (٣) ، والأظهر أنه بيان لاستيلائهم على البلاد وتفرقهم فيها وظهورهم في كل البلاد ، وحصول أعوانهم من سائر العباد فكما أن مياه الأنهار ووفورها توجب وفور مياه العيون والآبار ، فكذلك يظهر أثر هؤلاء في كل البلاد وتكثر أعوانهم في جميع الأقطار ، وكل ذلك ترشيح لما سبق من التشبيه « يأخذ بهم من قوم » أي بني أمية « حقوق قوم » أي أهل البيت عليهمالسلام للانتقام من أعدائهم ، وإن لم يصل إليهم « ويمكن لقوم » أي لبني العباس « لديار قوم » أي بني أمية وفي بعض النسخ [ ويمكن لهم قوما ديار قوم ] وفي النهج « ويمكن لقوم في ديار قوم » والمال واحد
__________________
(١) نهج البلاغة : تحقيق صبحي الصالح ص ٢٤١ « الخطبة ١٦٦ ».
(٢) قال تعالى : « أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسَلَكَهُ يَنابِيعَ فِي الْأَرْضِ » « الزمر : ٢١ ».
(٣) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج ٩ ص ٢٨٥.