و قال أكثروا من أن تدعوا الله فإن الله يحب من عباده المؤمنين أن يدعوه وقد وعد الله عباده المؤمنين بالاستجابة والله مصير دعاء المؤمنين يوم القيامة لهم عملا يزيدهم به في الجنة فأكثروا ذكر الله ما استطعتم في كل ساعة من ساعات الليل والنهار فإن الله أمر بكثرة الذكر له والله ذاكر لمن ذكره من المؤمنين واعلموا أن الله لم يذكره أحد من عباده المؤمنين إلا ذكره بخير فأعطوا الله من أنفسكم الاجتهاد في طاعته فإن الله لا يدرك شيء من الخير عنده إلا بطاعته واجتناب محارمه التي حرم الله في ظاهر القرآن وباطنه فإن الله تبارك وتعالى قال في كتابه وقوله الحق « وَذَرُوا ظاهِرَ الْإِثْمِ وَباطِنَهُ » (١) واعلموا أن ما أمر الله به أن تجتنبوه فقد حرمه واتبعوا آثار رسول الله صلىاللهعليهوآله وسنته فخذوا بها ولا تتبعوا أهواءكم وآراءكم فتضلوا فإن أضل الناس عند الله من اتبع هواه ورأيه « بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللهِ » وأحسنوا إلى أنفسكم ما استطعتم فإِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ
______________________________________________________
قوله عليهالسلام : « من عباده المؤمنين » أي من أعمالهم.
قوله عليهالسلام : « إلا ذكره بخيره » أي يقرر ويعد له ثواب ذلك ، أو يذكره في الملإ الأعلى ويثني عليه ويشكره ، وفي بعض النسخ « بخير » بغير ضمير.
قوله تعالى : « ظاهِرَ الْإِثْمِ » ظاهر كلامه عليهالسلام أنه فسر ظاهر الإثم بما تظهر حرمته من ظاهر القرآن ، « وَباطِنَهُ » بما تظهر حرمته من باطنه ، وقال البيضاوي : أي ما يعلن ويسر ، وما بالجوارح وما بالقلب ، وقيل : الزنا في الحوانيت واتخاذ الأخدان (٢) ثم اعلم أن ما في القرآن هو « وَذَرُوا ظاهِرَ الْإِثْمِ » كما في بعض نسخ الكتاب وفي أكثرها « فاجتنبوا » فهو إما نقل مضمون الآية أو في قرآنهم عليهالسلام كان كذلك.
قوله : « واعلموا أن ما أمر الله » ظاهره أن أوامر القرآن للوجوب خصوصا ما كان بلفظ الاجتناب ، وكذا نواهيه للحرمة.
قوله عليهالسلام : « فإن أحسنتم » بيان لمعنى الإحسان إلى النفس ، بأن المراد فعل الحسنات ، ويحتمل أن يكون المراد بقوله : « وأحسنوا إلى أنفسكم » الإحسان إلى الغير كما قيل في قوله تعالى : « وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ » (٣) وقوله : « فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ » (٤)
__________________
(١) سورة الأنعام : ١٢٠.
(٢) أنوار التنزيل : ج ١ ص ٣٢٩.
(٣) سورة النساء : ٢٩.
(٤) سورة النور : ٦١.