الأهواء واتباع البدع بغير هدى من الله ضلال وكل ضلالة بدعة وكل بدعة في النار ولن ينال شيء من الخير عند الله إلا بطاعته والصبر والرضا لأن الصبر والرضا من طاعة الله واعلموا أنه لن يؤمن عبد من عبيده حتى يرضى عن الله فيما صنع الله إليه وصنع به على ما أحب وكره
______________________________________________________
أي لو كان ينفع البدع ويرضى الرحمن به على الفرض المحال كان اتباع السنة أنفع وأرضى وإن قل.
قوله عليهالسلام : « وكل ضلال بدعة » الغرض بيان التلازم والتساوي بين المفهومين ويظهر منه أن قسمة البدع بحسب انقسام الأحكام الخمسة كما فعله جماعة من الأصحاب تبعا للمخالفين ليس على ما ينبغي ، إذ البدعة ما لم يرد في الشرع لا خصوصا ، ولا في ضمن عام.
وما ذكروه من البدع الواجبة والمستحبة والمكروهة والمباحة هي داخلة في ضمن العمومات ، ولتحقيق ذلك مقام آخر.
قوله : « من طاعة الله » أي من شرائط قبول طاعة الله ، ويمكن أن يكون المراد أنهما من جملة الطاعات ويضم إليه مقدمة خارجة ، وهي أن قبول بعض الطاعات مشروط بالإتيان بسائرها كما قال تعالى : « إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ » (١) وعلى الوجهين يتم التعليل ، ويمكن أن يوجه أول الكلام بأن المراد لا ينال شيء من الخير عند الله كما ينبغي ، وعلى وجه الكمال إلا بالإتيان بجميع طاعاته ، وحينئذ يكون قوله :
« والصبر والرضى » من قبيل التخصيص بعد التعميم ، وحينئذ ينطبق التعليل أيضا لكنه بعيد.
قوله عليهالسلام : « فيما صنع الله إليه » في القاموس (٢) : صنع إليه معروفا كمنع صنعا بالضم ، وصنع به صنيعا قبيحا فعله ، انتهى.
فقوله : « على ما أحب وكره » على سبيل اللف والنشر ، وفي الأخير مما أحب أظهر مما في بعض النسخ « فيما أحب » كما لا يخفى قوله تعالى : « وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ » (٣) قيل : المراد القنوت بالمعنى المصطلح ، وقيل المراد « خاشعين » وخاضعين.
__________________
(١) سورة المائدة : ٢٧.
(٢) القاموس المحيط : ج ٣ ص ٥٢ « ط مصر ».
(٣) سورة البقرة : ٢٣٨.