من عصاه قال ولله عز ذكره رياح رحمة لواقح وغير ذلك ينشرها بين يدي رحمته منها ما يهيج السحاب للمطر ومنها رياح تحبس السحاب بين السماء والأرض ورياح تعصر السحاب فتمطره بإذن الله ومنها رياح مما عدد الله في الكتاب فأما الرياح الأربع الشمال والجنوب والصبا والدبور فإنما هي أسماء الملائكة الموكلين بها فإذا أراد الله أن يهب شمالا أمر الملك الذي اسمه الشمال فيهبط على البيت الحرام فقام على الركن الشامي فضرب بجناحه فتفرقت ريح الشمال حيث يريد الله من البر والبحر وإذا أراد الله أن يبعث جنوبا أمر الملك الذي اسمه الجنوب فهبط على البيت الحرام فقام على الركن الشامي فضرب بجناحه فتفرقت ريح الجنوب في البر والبحر حيث يريد الله وإذا أراد الله أن يبعث ريح الصبا أمر الملك الذي اسمه الصبا فهبط على البيت الحرام فقام على الركن الشامي فضرب بجناحه فتفرقت ريح الصبا حيث يريد الله جل وعز في البر والبحر وإذا أراد الله أن يبعث دبورا أمر الملك الذي اسمه الدبور فهبط على البيت الحرام فقام على الركن الشامي فضرب بجناحه فتفرقت ريح الدبور حيث يريد الله من البر والبحر ثم قال أبو جعفر عليهالسلام أما تسمع لقوله ريح الشمال
______________________________________________________
قوله عليهالسلام : « لواقح » إشارة إلى قوله تعالى : « وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ » (١) قال البيضاوي : أي حوامل ، شبه الريح التي جاءت بخير من إنشاء سحاب ماطر بالحامل كما شبه ما لا يكون كذلك بالعقيم أو ملقحات للشجر أو السحاب ، ونظيره الطوائح بمعنى المطيحات في قوله : ومختبط مما تطيح الطوائح ، (٢) قوله : « بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ » أي المطر.
قوله عليهالسلام : « فتفرقت ريح الشمال » لا يتوهم أنه يلزم من ذلك أن يكون مهب جميع الرياح جهة القبلة ، لأنه لعظمة الملك وجناحه يمكن أن يحرك رأس جناحه بأي موضع أراد ويرسلها بأي جهة أمر بالإرسال إليها ، وإنما أمر بالقيام على الكعبة لشرافتها وكونها محل رحماته تعالى ومصدرها.
قوله عليهالسلام : « أما تسمع لقوله » أي لقول القائل ، وكأنه عليهالسلام استدل بهذه العبارة الشائعة على ما ذكره من أنها أسماء الملائكة ، إذ الظاهر من الإضافة كونها
__________________
(١) الحجر : ٢٢.
(٢) أنوار التنزيل : ج ١ ص ٥٤٠.