وقال بعضهم الروح فقال أبو جعفر عليهالسلام ما قالوا شيئا ، أخبرك أن الله تبارك وتعالى كان ولا شيء غيره وكان عزيزا ولا أحد كان قبل عزه وذلك قوله « سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ » (١) وكان الخالق قبل المخلوق ولو كان أول ما خلق من خلقه الشيء من الشيء إذا لم يكن له انقطاع أبدا ولم يزل الله إذا ومعه شيء ليس هو يتقدمه ولكنه كان إذ لا شيء غيره وخلق الشيء الذي جميع الأشياء منه وهو الماء الذي خلق الأشياء منه فجعل نسب كل شيء إلى الماء ولم يجعل للماء نسبا يضاف إليه وخلق الريح من الماء
______________________________________________________
الماء ، ومنه أنواع الجواهر كلها من السماء والأرض وما بينهما ، وذكر أن من جمود الماء تكونت الأرض ، ومن انحلاله تكون الهواء ، ومن صفوته تكونت النار ومن الدخان والأبخرة تكونت السماء ، وقيل : جوهر تكون منه الماء كما نقل أنه جاء في السفر الأول من التوراة أن مبدأ الخلق جوهر خلقه الله تعالى ، ثم نظر إليه نظر الهيبة فذابت أجزاؤه فصارت ماء فثار من الماء بخار كالدخان ، فخلق منه السماوات ، وظهر على وجه الماء مثل زبد البحر ، فخلق منه الأرض ، ثم أرساها بالجبال.
وذكر علي بن إبراهيم في تفسيره (٢) قوله تعالى : « وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ » (٣) قال : وذلك في مبدء الخلق إن الرب تعالى خلق الهواء ، ثم خلق القلم ، فأمره أن يجري فقال : يا رب بما أجري فقال : بما هو كائن ثم خلق الظلمة من الهواء ، وخلق النور من الهواء ، وخلق الماء من الهواء ، وخلق العرش من الهواء ، وخلق العقيم من الهواء وهو الريح الشديد ، وخلق النار من الهواء ، وخلق الخلق كلهم من هذه الستة التي خلقت من الهواء. والظاهر أنه أخذه من خبر ، لكن لا يعارض الأخبار المسندة ، وعلى تقدير صحته يمكن الجمع بحمل أولية الماء على التقدم الإضافي بالنسبة إلى الأجسام المشاهدة المحسوسة التي يدركها جميع الخلق ، فإن الهواء ليس منها ، ولذلك أنكر طائفة وجوده.
__________________
(١) سورة الصافّات : ١٨٠.
(٢) تفسير القمّيّ : ج ١ ص ٣٢١ ـ ٣٢٢.
(٣) سورة هود : ٧.