استمعوا منادي الجبار قال فيسمع آخرهم كما يسمع أولهم قال فتنكسر أصواتهم عند ذلك وتخشع أبصارهم وتضطرب فرائصهم وتفزع قلوبهم ويرفعون رءوسهم إلى ناحية الصوت « مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ » (١) قال فعند ذلك يقول الكافر : « هذا يَوْمٌ عَسِرٌ » (٢) قال فيشرف الجبار عز وجل الحكم العدل عليهم فيقول « أَنَا اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنَا » الحكم العدل الذي لا يجور اليوم أحكم بينكم بعدلي وقسطي لا يظلم اليوم عندي أحد اليوم آخذ للضعيف من القوي بحقه ولصاحب المظلمة بالمظلمة بالقصاص من الحسنات والسيئات وأثيب على الهبات ولا يجوز هذه العقبة اليوم عندي ظالم ولأحد عنده مظلمة إلا مظلمة يهبها صاحبها وأثيبه عليها وآخذ له بها عند الحساب فتلازموا أيها الخلائق واطلبوا مظالمكم عند من ظلمكم بها في الدنيا وأنا شاهد لكم عليهم وكفى بي شهيدا.
قال فيتعارفون ويتلازمون فلا يبقى أحد له عند أحد مظلمة أو حق إلا لزمه
______________________________________________________
في ظلال من الملائكة.
قوله عليهالسلام : « فرائصهم » قال الفيروزآبادي : الفريص أوداج العنق ، والفريصة واحدته ، واللحمة بين الجنب والكتف ولا تزال ترعد (٣).
قوله عليهالسلام : « مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ » أي يمدون أعناقهم لسماع صوته ، قال الجوهري : أهطع : إذا مد عنقه ، وصوب رأسه وأهطع في عدوه أسرع (٤).
قوله تعالى : « وأثيب على الهبات » أي أثيب وأجزي من وهب في هذا اليوم مظلمته لمن ظلمه.
قوله تعالى : « إلا مظلمة يهبها صاحبها » وفي أكثر النسخ لصاحبها ، ولعله من النساخ ، وعليه فالمراد بصاحب المظلمة الظالم ، وضمير الفاعل في قوله يهبها راجع إلى أحد.
قوله تعالى : « وآخذ له بها » عطف على جملة ، ولا يجوز أي إن لم يهب
__________________
(١) سورة القمر : ٨.
(٢) سورة القمر : ٨.
(٣) القاموس : ج ٢ ص ٣١١.
(٤) الصحاح : ج ٦ ص ٢٣٥٣.