فقعد أبو جعفر عليهالسلام وسط النصارى هو وأصحابه وأخرج النصارى بساطا ثم وضعوا الوسائد ثم دخلوا فأخرجوه ثم ربطوا عينيه فقلب عينيه كأنهما عينا أفعى ثم قصد إلى أبي جعفر عليهالسلام فقال يا شيخ أمنا أنت أم من الأمة المرحومة فقال أبو جعفر عليهالسلام بل من الأمة المرحومة فقال أفمن علمائهم أنت أم من جهالهم فقال لست من جهالهم فقال النصراني أسألك أم تسألني فقال أبو جعفر عليهالسلام سلني فقال النصراني يا معشر النصارى رجل من أمة محمد يقول سلني إن هذا لمليء بالمسائل ثم قال يا عبد الله أخبرني عن ساعة ما هي من الليل ولا من النهار أي ساعة هي فقال أبو جعفر عليهالسلام ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس فقال النصراني فإذا لم تكن من ساعات الليل ولا من ساعات النهار فمن أي الساعات هي فقال أبو جعفر عليهالسلام من ساعات الجنة وفيها تفيق مرضانا فقال النصراني فأسألك أم تسألني فقال أبو جعفر عليهالسلام سلني فقال النصراني يا معشر النصارى إن هذا لمليء بالمسائل أخبرني عن أهل الجنة كيف صاروا يأكلون ولا يتغوطون
______________________________________________________
« ثم ربطوا عينيه » لعلهم ربطوا حاجبيه فوق عينيه كما في الخرائج فرأينا شيخا سقط حاجباه على عينيه من الكبر وفي أمان الأخطار قد شد حاجبيه بحريرة صفراء ويحتمل أن يكون المراد ربط أشفار عينيه فوقهما لتنفتحا أو ربط ثوب شفيف على عينيه بحيث لا يمنع رؤيته من تحته ، لئلا يضره نور الشمس لاعتياده بالظلمة والأول أظهر معنى وإن كان تطبيق اللفظ عليه يحتاج إلى تقدير وتكلف ، قوله : « لمليء » أي جدير بأن يسأل عنه.
قوله عليهالسلام « ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس » هذا لا ينافي ما نقله العلامة وغيره من إجماع الشيعة على كونها من ساعات النهار ، لأن الظاهر أن المراد بهذا الخبر إنها ساعة لا تشبه شيئا من ساعات الليل والنهار ، بل هي شبيهة بساعات الجنة ، وإنما جعلها الله في الدنيا ليعرفوا بها طيب هواء الجنة ولطافتها واعتدالها على أنه يحتمل أن يكون عليهالسلام أجاب السائل على ما يوافق غرضه واعتقاده ومصطلحه.