ينشئ شيئا ومالكا بعد إنشائه للكون وليس يكون لله كيف ولا أين ولا حد يعرف ولا شيء يشبهه ولا يهرم لطول بقائه ولا يضعف لذعرة ولا يخاف كما تخاف خليقته من شيء ولكن سميع بغير سمع وبصير بغير بصر وقوي بغير قوة من خلقه لا تدركه حدق الناظرين ولا يحيط بسمعه سمع السامعين إذا أراد شيئا كان بلا مشورة ولا
______________________________________________________
عظيما قبل خلق السلاطين وسلطنتهم وعظمتهم ، ويحتمل أن يكون المراد عند ذكره المعنى الأول ، وعند إرجاع الضمير إليه المعنى الثاني على طريقة الاستخدام ، وهو أظهر معنى ، ويحتمل أن يكون الضمير راجعا إلى الله بالإضافة إلى الفاعل أي قبل إنشائه الأشياء ، لكنه لا يناسب الفقرة الثانية كما لا يخفى ، والحاصل على التقادير إن سلطنته تعالى ليس لخلق الأشياء لغناه عنها ، وعدم تقويه بها بل بقدرته على خلقها ، وخلق أضعاف أضعافها ، وهذه القدرة لا تنفك عنه تعالى ، وفيه رد على القائلين بالقدم ، ودلالة هذه الفقرات على الحدوث ظاهرة.
قوله عليهالسلام : « بلا حياة » أي بذاته.
قوله عليهالسلام : « ولا حد » أي من الحدود الجسمية يوصف ويعرف بها ، أو من الحدود العقلية المركبة من الجنس والفصل ليعرف به ، إذ كنه الأشياء يعرف بحدودها كما هو المشهور ، ففيه استدلال على عدم إمكان معرفة كنهه تعالى ، والأول أظهر.
قوله عليهالسلام : « ولا يضعف » وفي بعض النسخ « ولا يصعق » قال الجوهري (١) : صعق الرجل أي غشي عليه ، والذعر بالضم : الخوف ، وبالتحريك : الدهش.
قوله عليهالسلام : « بغير قوة من خلقه » أي بأن يتقوى بمخلوقاته كما يتقوى المملوك بجيوشهم وحراسهم [ وخزائنهم ] أو بغير قوة زائدة قائمة به ، وهذه القوة تكون مخلوقة له فيكون محتاجا إلى مخلوق ممكن ، وهو ينافي وجوب الوجود.
قوله عليهالسلام : « حدق الناظرين » قال الجوهري (٢) : حدقة العين : سوادها الأعظم والجمع حدق وحداق.
قوله : « ولا يحيط بسمعه » كأنه مصدر مضاف إلى المفعول ، والمعنى أنه تعالى
__________________
(١) الصحاح ج ٤ ص ١٥٠٦.
(٢) نفس المصدر : ج ٤ ص ١٤٥٦.