قال فلما أمسى بايعه ثلاثمائة وستون رجلا على الموت فقال لهم أمير المؤمنين عليهالسلام اغدوا بنا إلى أحجار الزيت محلقين وحلق أمير المؤمنين عليهالسلام فما وافى من القوم محلقا إلا أبو ذر والمقداد وحذيفة بن اليمان وعمار بن ياسر وجاء سلمان في آخر القوم فرفع يده إلى السماء فقال : اللهم إن القوم استضعفوني كما استضعفت بنو إسرائيل
______________________________________________________
قوله عليهالسلام : « على الموت » أي على أن يلتزموا الموت ويقتلوا في نصرة ، وقال الفيروزآبادي (١) : أحجار الزيت موضع بالمدينة.
قوله عليهالسلام : « أما والبيت والمفضي إلى البيت » قال الجوهري (٢) : الفضاء : الساحة وما اتسع من الأرض ، يقال أفضيت : إذا خرج إلى الفضاء ، وأفضيت إلى فلان بسري وأفضى الرجل إلى امرأته باشرها ، وأفضى بيده إلى الأرض إذا مسها بباطن راحته في سجوده انتهى.
فيحتمل أن يكون المراد القسم بمن يدخل في الفضاء أي الصحراء متوجها إلى البيت أي الحاج والمعتمر. أو من يفضي إسراره إلى البيت أي إلى ربه ، ويدعو الله عند البيت. أو من يفضي الناس إلى البيت ويوصلهم إليه ، وهو الله تعالى. أو على صيغة المفعول أي الحاج الواصلين إلى البيت ، أو على بناء الفاعل أيضا من الإفضاء بمعنى مس الأرض بالراحة ، أي المسلمين بأحجار البيت ، أو من يفضي إلى الأرض بالسجود في أطراف الأرض متوجها إلى البيت.
وقال في النهاية (٣) : في حديث دعائه للنابغة « لا يفضي الله فاك » ومعناه أن لا يجعله فضاء لا سن فيه ، والفضاء : الخالي الفارغ الواسع من الأرض انتهى : فيحتمل أن يكون المراد من جعل من أربعة جوانب فضاء غير معمور إلى البيت ليشق على الناس قطعها ، فيكثر ثوابهم وهو الله تعالى.
قوله عليهالسلام : « والخفاف إلى التجمير » التجمير : رمي الجمار ، والخفاف إما جمع الخف ، أي خف الإنسان إذ خف البعير لا يجمع على خفاف ، بل على أخفاف ، والمراد أثر الخفاف وأثر أقدام الماشين إلى التجمير. أو جمع الخفيف أي السائرين بخفة وشوق
__________________
(١) القاموس المحيط : ج ٢ ص ٥. وفي المصدر « ... داخل المدينة ».
(٢) الصحاح : ج ٦ ص ٢٤٥٥.
(٣) النهاية : ج ٣ ص ٤٥٦.