الحرمين يعمل فيهما بما لا يحب الله لا يمنعهم مانع ولا يحول بينهم وبين العمل القبيح أحد ورأيت المعازف ظاهرة في الحرمين ورأيت الرجل يتكلم بشيء من الحق ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر فيقوم إليه من ينصحه في نفسه فيقول هذا عنك موضوع ورأيت الناس ينظر بعضهم إلى بعض ويقتدون بأهل الشرور ورأيت مسلك الخير وطريقه خاليا لا يسلكه أحد ورأيت الميت يهزأ به فلا يفزع له أحد ورأيت كل عام يحدث فيه من الشر والبدعة أكثر مما كان ورأيت الخلق والمجالس لا يتابعون إلا الأغنياء ورأيت المحتاج يعطى على الضحك به ويرحم لغير وجه الله ورأيت الآيات في السماء لا يفزع لها أحد ورأيت الناس يتسافدون كما يتسافد البهائم لا ينكر أحد منكرا تخوفا من الناس ورأيت الرجل ينفق الكثير في غير طاعة الله ويمنع اليسير في طاعة الله ورأيت العقوق قد ظهر واستخف بالوالدين وكانا من أسوإ الناس حالا عند الولد ويفرح بأن يفتري عليهما ورأيت النساء وقد غلبن على الملك وغلبن على كل أمر لا يؤتى إلا ما لهن فيه هوى ورأيت ابن الرجل يفتري على أبيه ويدعو على والديه ويفرح بموتهما ورأيت الرجل إذا مر به يوم ولم يكسب فيه الذنب العظيم من فجور أو بخس مكيال أو ميزان أو غشيان حرام أو شرب مسكر كئيبا حزينا يحسب أن ذلك اليوم عليه وضيعة من عمره ورأيت السلطان يحتكر الطعام ورأيت أموال ذوي القربى تقسم في الزور ويتقامر بها وتشرب بها الخمور ورأيت الخمر يتداوى بها ويوصف للمريض ويستشفى
______________________________________________________
قوله عليهالسلام : « ورأيت المعازف » أي الملاهي كالعود والطنبور ونحوهما.
قوله عليهالسلام : « كما يتسافد البهائم » أي جهرة في الطرق والشوارع ، والسفاد : نزو الذكر على الأنثى.
قوله عليهالسلام : « وضيعة » أي خسران ونقص.
قوله عليهالسلام : « ورأيت الخمر يتداوى بها » يدل على عدم جواز التداوي بالخمر كما يدل عليه كثير من الأخبار (١) وذهب إليه جماعة من العلماء الأخيار.
قوله عليهالسلام : « ورأيت رياح المنافقين » تطلق الريح على الغلبة والقوة ، والرحمة والنصرة والدولة والنفس ، والكل محتمل ، والأخير أظهر كناية عن كثرة تكلمهم
__________________
(١) الوسائل : ج ١٧ ص ٢٧٤ أحاديث ب ٢٠ من أبواب الأشربة المحرمة.